بعيني أي أحفظه ومنه قوله تعالى واصنع الفلك بأعيننا أي نحن نراك ونحفظك ومثله تجري بأعيننا وقوله ولتصنع على عيني أي بحفظي قال وتستعار العين لمعان أخرى كثيرة وقال بن بطال احتجت المجسمة بهذا الحديث وقالوا في قوله وأشار بيده إلى عينه دلالة على ان عينه كسائر الأعين وتعقب باستحالة الجسمية عليه لأن الجسم حادث وهو قديم فدل على ان المراد نفي النقص عنه انتهى وقد تقدم شيء من هذا في باب قوله تعالى وكان الله سميعا بصيرا وقال البيهقي منهم من قال العين صفة ذات كما تقدم في الوجه ومنهم من قال المراد بالعين الرؤية فعلى هذا فقوله ولتصنع على عيني أي لتكون بمرأى مني وكذا قوله واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا أي بمرأى منا والنون للتعظيم ومال إلى ترجيح الأول لأنه مذهب السلف ويتأيد بما وقع في الحديث وأشار بيده فان فيه إيماء إلى الرد على من يقول معناها القدرة صرح بذلك قول من قال انها صفة ذات وقال بن المنير وجه الاستدلال على اثبات العين لله من حديث الدجال من قوله ان الله ليس بأعور من جهة أن العور عرفا عدم العين وضد العور ثبوت العين فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها وهو وجود العين وهو على سبيل التمثيل والتقريب للفهم لا على معنى اثبات الجارحة قال ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال أحدها انها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل والثاني ان العين كناية عن صفة البصر واليد كناية عن صفة القدرة والوجه كناية عن صفة الوجود والثالث امرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب العقيدة له أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل إذ لولا أخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل ان يحوم حول ذلك الحمى قال الطيبي هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح وقال غيره لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلّم ولا عن أحد من أصحابه من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك ولا المنع من ذكره ومن المحال ان يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه وينزل عليه اليوم أكملت لكم دينكم ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه مما لا يجوز مع حضه على التبليغ عنه بقوله ليبلغ الشاهد الغائب حتى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته فدل على انهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده الله منها ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله تعالى ليس كمثله شيء فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم وبالله التوفيق وقد سئلت هل يجوز لقارئ هذا الحديث ان يصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلّم فأجبت وبالله التوفيق انه ان حضر عنده من يوافقه على معتقده وكان يعتقد تنزيه الله تعالى عن صفات الحدوث وأراد التأسي محضا جاز والأولى به الترك خشية ان يدخل على من يراه شبهة التشبيه تعالى الله عن ذلك ولم أر في كلام أحد من الشراح في حمل هذا الحديث على معنى خطر لي فيه اثبات التنزيه وحسم مادة التشبيه عنه وهو ان الإشارة إلى عينه صلى الله عليه وسلّم انما هي بالنسبة الي عين الدجال فانها كانت صحيحة مثل هذه ثم طرأ عليها العور لزيادة كذبه في دعوى الإلهية وهو انه كان صحيح العين مثل هذه فطرأ عليها النقص ولم يستطع دفع ذلك عن نفسه