والله خلقكم وما تعملون أي بأيديكم وأخرج بن أبي حاتم من طريق قتادة أيضا قال تعبدون ما تنحتون أي من الأصنام والله خلقكم وما تعملون أي بأيديكم وتمسك المعتزلة بهذا التأويل قال السهيلي في نتائج الفكر له اتفق العقلاء على أن أفعال العباد لا تتعلق بالجواهر والأجسام فلا تقول عملت حبلا ولا صنعت جملا ولا شجرا فإذا كان كذلك فمن قال أعجبني ما عملت فمعناه الحدث فعلى هذا لا يصح في تأويل والله خلقكم وما تعملون الا أنها مصدرية وهو قول أهل السنة ولا يصح قول المعتزلة أنها موصولة فانهم زعموا انها واقعة على الأصنام التي كانوا ينحتونها فقالوا التقدير خلقكم وخلق الأصنام وزعموا ان نظم الكلام يقتضي ما قالوه لتقدم قوله ما تنحتون لأنها واقعة على الحجارة المنحوتة فكذلك ما الثانية والتقدير عندهم أتعبدون حجارة تنحتونها والله خلقكم وخلق تلك الحجارة التي تعملونها هذه شبهتهم ولا يصح ذلك من جهة النحو إذ ما لا تكون مع الفعل الخاص الا مصدرية فعلى هذا فالآية ترد مذهبهم وتفسد قولهم والنظم على قول أهل السنة أبدع فان قيل قد تقول عملت الصحفة وصنعت الجفنة وكذا يصح عملت الصنم قلنا لا يتعلق ذلك الا بالصورة التي هي التأليف والتركيب وهي الفعل الذي هو الاحداث دون الجواهر بالاتفاق ولأن الآية وردت في بيان استحقاق الخالق العبادة لانفراده بالخلق وإقامة الحجة على من يعبد ما لا يخلق وهم يخلقون فقال أتعبدون من لا يخلق وتدعون عبادة من خلقكم وخلق أعمالكم التي تعملون ولو كانوا كما زعموا لما قامت الحجة من نفس هذا الكلام لأنه لو جعلهم خالقين لأعمالهم وهو خالق للأجناس لشركهم معهم في الخلق تعالى الله عن إفكهم قال البيهقي في كتاب الاعتقاد قال الله تعالى ذلكم الله ربكم خالق كل شيء فدخل فيه الأعيان والأفعال من الخير والشر وقال تعالى أم جعلوا لله شركاء خلقوا كخلقه فتشابه الخلق عليهم قل الله خالق كل شيء فنفى ان يكون خالق غيره ونفى أن يكون شيء سواه غير مخلوق فلو كانت الأفعال غير مخلوقة له لكان خالق بعض الأشياء لا خالق كل شيء وهو بخلاف الآية ومن المعلوم ان الأفعال أكثر من الأعيان فلو كان الله خالق الأعيان والناس خالق الأفعال لكان مخلوقات الناس أكثر من مخلوقات الله تعالى الله عن ذلك وقال الله تعالى والله خلقكم وما تعملون وقال مكي بن أبي طالب في اعراب القرآن له قالت المعتزلة ما في قوله تعالى وما تعملون موصولة فرارا من أن يقروا بعموم الخلق لله تعالى يريدون انه خلق الأشياء التي تنحت منها الأصنام وأما الأعمال والحركات فانها غير داخلة في خلق الله وزعموا انهم أرادوا بذلك تنزيه الله تعالى عن خلق الشر ورد عليهم أهل السنة بأن الله تعالى خلق إبليس وهو الشر كله وقال تعالى قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فأثبت أنه خلق الشر وأطبق القراء حتى أهل الشذوذ على إضافة شر إلى ما الا عمرو بن عبيد رأس الاعتزال فقرأها بتنوين شر ليصحح مذهبه وهو محجوج بإجماع من قبله على قراءتها بالإضافة قال وإذا تقرر ان الله خالق كل شيء من خير وشر وجب ان تكون ما مصدرية والمعنى خلقكم وخلق