وأحمد وأصحاب الحديث وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابسا وهذه طريقة الحنفية والطريقة الأولى أرجح لأن فيها العمل بالخبر والقياس معا لأنه لو كان نجسا لكان القياس وجوب غسله دون الاكتفاء بفركه كالدم وغيره وهم لا يكتفون فيما لا يعفى عنه من الدم بالفرك ويرد الطريقة الثانية أيضا ما في رواية بن خزيمة من طريق أخرى عن عائشة كانت تسلت المني من ثوبه بعرق الأذخر ثم يصلي فيه وتحكه من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه فإنه يتضمن ترك الغسل في الحالتين وأما مالك فلم يعرف الفرك وقال إن العمل عندهم على وجوب الغسل كسائر النجاسات وحديث الفرك حجة عليهم وحمل بعض أصحابه الفرك على الدلك بالماء وهو مردود بما في إحدى روايات مسلم عن عائشة لقد رأيتني وإني لاحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم يابسا بظفرى وبما صححه الترمذي من حديث همام بن الحارث أن عائشة أنكرت على ضيفها غسله الثوب فقالت لم أفسد علينا ثوبنا إنما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه فربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم باصابعى وقال بعضهم الثوب الذي اكتفت فيه بالفرك ثوب النوم والثوب الذي غسلته ثوب الصلاة وهو مردود أيضا بما في إحدى روايات مسلم من حديثها أيضا لقد رأيتني افركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم فركا فيصلى فيه وهذا التعقيب بالفاء ينفى احتمال تخلل الغسل بين الفرك والصلاة وأصرح منه رواية بن خزيمة أنها كانت تحكه من ثوبه صلى الله عليه وسلّم وهو يصلي وعلى تقدير عدم ورود شيء من ذلك فليس في حديث الباب ما يدل على نجاسة المني لأن غسلها فعل وهو لا يدل على الوجوب بمجرده والله أعلم وطعن بعضهم في الاستدلال بحديث الفرك على طهارة المني بأن مني النبي صلى الله عليه وسلّم طاهر دون غيره كسائر فضلاته والجواب على تقدير صحة كونه من الخصائص أن منيه كان عن جماع فيخالط مني المرأة فلو كان منيها نجسا لم يكتف فيه بالفرك وبهذا احتج الشيخ الموفق وغيره على طهارة رطوبة فرجها قال ومن قال أن المني لا يسلم من المذي فيتنجس به لم يصب لأن الشهوة إذا اشتدت خرج المني دون المذي والبول كحالة الاحتلام والله أعلم قوله وغسل ما يصيب أي الثوب وغيره من المرأة وفي هذه المسألة حديث صريح ذكره المصنف بعد في آخر كتاب الغسل من حديث عثمان ولم يذكره هنا وكأنه استنبطه مما أشرنا إليه من أن المني الحاصل في الثوب لا يخلو غالبا من مخالطة ماء المرأة ورطوبتها .
227 - قوله عمرو بن ميمون الجزري كذا للجمهور وهو الصواب وهو بفتح الجيم والزاي بعدها راء منسوب إلى الجزيرة وكان ميمون بن مهران والد عمرو نزلها فنسب إليها ولده ووقع في رواية الكشميهني وحده الجوزي بواو ساكنة بعدها زاى وهو غلط منه قوله أغسل الجنابة أي أثر الجنابة فيكون على حذف مضاف أو أطلق اسم الجنابة على المني مجازا قوله بقع بضم الموحدة وفتح القاف جمع بقعة قال أهل اللغة البقع اختلاف اللونين قوله في الإسناد الثاني حدثنا يزيد قال أبو مسعود الدمشقي كذا هو غير منسوب في رواية الفربري وحماد بن شاكر ويقال إنه بن هارون وليس بابن زريع وجميعا قد رويا يعني عن عمرو بن ميمون ووقع في رواية بن السكن أحد الرواة عن الفربري حدثنا يزيد يعني بن زريع وكذا أشار إليه الكلاباذى ورجح القطب الحليمي في شرحه أنه بن هارون قال لأنه وجد من روايته ولم يوجد من رواية بن زريع قلت ولا يلزم من عدم الوجدان عدم الوقوع كيف وقد جزم أبو مسعود بأنه رواه فدل على وجدانه والمثبت مقدم على النافى وقد خرجه الإسماعيلي وغيره من حديث يزيد بن هارون بلفظ مخالف للسياق الذي أورده البخاري وهذا