عباس إذا كان العدو في القبلة أن يصلي على هذه الصفة وهو مذهب ابن أبي ليلى وحكى ابن القصار عن الشافعي نحوه وقال الطحاوي ذهب أبو يوسف إلى أن العدو إذا كان في القبلة فالصلاة هكذا وإذا في غيرها فالصلاة كما روى ابن عمر وغيره قال وبهذا تتفق الأحاديث قال وليس هذا بخلاف التنزيل لأنه يجوز أن يكون قوله ( ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ) إذا كان العدو في غير القبلة ثم أوحي إليه بعد ذلك كيف حكم الصلاة إذا كانوا في القبلة ففعل الفعلين جميعا كما جاء الخبران وترك مالك وأبو حنيفة العمل بهذا الحديث لمخالفته للقرآن وهو قوله ولتأت طائفة أخرى الآية والقرآن يدل على ما جاءت به الروايات في صلاة الخوف عن ابن عمر وغيره من دخول الطائفة الثانية في الركعة الثانية ولم يكونوا صلوا قبل ذلك وقال أشهب وسحنون إذا كان العدو في القبلة لا أحب أن يصلى بالجيش أجمع لأنه يتعرض أن يفتنه العدو ويشغلوه ويصلى بطائفتين شبه صلاة الخوف والله تعالى أعلم - .
4 - .
( باب الصلاة عند مناهضة الحصون ولقاء العدو ) .
أي هذا باب في بيان الصلاة عند مناهضة الحصون يقال ناهضته أي قاومته وتناهض القوم في الحرب إذا نهض كل فريق إلى صاحبه وثلاثيه من باب فعل يفعل بالفتح فيهم يقال نهض ينهض نهضا ونهوضا ونهوا أي قام وأنهضته أنا فانتهض واستنهضته لأمر كذا إذا أمرته بالنهوض والحصون جمع حصن بكسر الحاء وقد فسر الجوهري القلعة بالحصن حيث قال القلعة الحصن على الجبل والظاهر أن بينهما فرق باعتبار العرف فإن القلعة تكون أكبر من الحصن وتكون على الجبل والسهل والحصن غالبا يكون على الجبل وألطف من القلعة وأصل معنى الحصن المنع سمي به لأنه يمنع من فيه ممن يقصده قوله ولقاء العدو أي والصلاة عند لقاء العدو واللقاء الملاقاة وهذا العطف من عطف العام على الخاص .
وقال الأوزاعي إن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماء كل امرىء لنفسه فإن لم يقدروا على الإيماء أخر الصلاة حتى ينكشف القتال أو يأمنوا فيصلو ركعتين فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين فإن لم يقدروا فلا يجزئهم التكبير ويؤخروها حتى يأمنوا .
أشار بهذا إلى مذهب عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي أنه إن كان تهيأ الفتح أي تمكن فتح الحصن والحال أنهم لم يقدروا على الصلاة أي على إتمامها أفعالا وأركانا وفي رواية القابسي إن كان بها الفتح بالباء الموحدة وهاء الضمير قيل إنه تصحيف قوله صلوا إيماء أي صلوا مومئين إيماء قوله كل امرىء لنفسه أي كل شخص يصلي بالإيماء منفردا بدون الجماعة قوله لنفسه أي لأجل نفسه دون غيره بأن لا يكون أماما لغيره قوله فإن لم يقدروا على الإيماء أي بسبب اشتغال القلب والجوارح لأن الحرب إذا اشتد غاية الاشتداد لا يبقى قلب المقاتل وجوارحه إلا عند القتال ويتعذر عليه الإيماء وقيل يحتمل أن الأوزاعي كان يرى استقبال القبلة شرطا في الإيماء فيعجز عن الإيماء إلى جهة القبلة فإن قلت كيف يتعذر الإيماء مع حصول العقل قلت عند وقوع الدهشة يغلب العقل فلا يعمل عمله قوله أو يأمنوا استشكل فيه ابن رشيد بأنه جعل الأمن قسيم الانكشاف وبه يحصل الأمن فكيف يكون قسيمه وأجاب الكرماني عن هذا فقال قد ينكشف ولا يحصل الأمن لخوف المعاودة وقد يأمن لزيادة القوة وإيصال المدد مثلا ولم يكن منكشفا بعد قوله فإن لم يقدروا يعني على صلاة ركعتين صلوا ركعة وسجدتين فإن لم يقدروا على صلاة ركعة وسجدتين يؤخرون الصلاة فلا يجزيهم التكبير وقال الثوري يجزيهم التكبير وروى ابن أبي شيبة من طريق عطاء وسعيد بن جبير وأبي البختري في آخرين قالوا إذا التقى الزحفان وحضرت الصلاة فقالوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فتلك صلاتهم بلا إعادة وعن مجاهد والحكم إذا كان عند الطراد والمسايفة يجزىء أن تكون صلاة الرجل تكبيرا فإن لم يمكن إلا تكبيرة أجزأته اين كان وجهه وقال إسحاق بن راهويه تجزىء عند المسايفة ركعة واحدة يومىء بها إيماء فإن لم يقدر فسجدة فإن لم يقدر فتكبيرة قوله حتى يأمنوا أي حتى يحصل لهم الأمن التام وحجة الأوزاعي فيما قاله حديث جابر رضي الله تعالى