عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري قال حدثني أنس بن مالك قال أصابت الناس سنة على عهد رسول الله فبينا رسول الله يخطب على المنبر يوم الجمعة قام أعرابي فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا أن يسقينا قال فرفع رسول الله يديه وما في السماء قزعة قال فثار سحاب أمثال الجبال ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته قال فمطرنا يومنا ذلك وفي الغد ومن بعد الغد والذي يليه إلى الجمعة الأخرى فقام ذلك الأعرابي أو رجل غيره فقال يا رسول الله تهدم البناء وغرق الماء فادع الله لنا فرفع رسول الله يديه وقال اللهم حوالينا ولا علينا قال فما جعل يشير بيده إلى ناحية من السماء إلا تفرجت حتى صارت المدينة في مثل الجوبة حتى سال الوادي وادي قناة شهرا قال فلم يجيء أحد من ناحية إلا حدث بالجود ) .
مطابقته للترجمة في قوله حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته ولكنها غير ظاهرة لأن هذا الكلام لا يدل على التمطر الذي هو من التفعل الدال على التكلف وقد مر هذا الحديث في كتاب الجمعة وكتاب الاستسقاء مطولا ومختصرا برواة مختلفة ومتون متغايرة بزيادة ونقصان وقد استقصينا الكلام في تفسيره بجميع ما يتعلق به قوله بالجود بفتح الجيم وسكون الواو المطر الكثير .
( باب إذا هبت الريح ) .
أي هذا باب ترجمته إذا هبت الريح وجواب إذا مقدر تقديره إذا هبت الريح ما يصنع من قول أو فعل ووجه دخول هذا الباب في أبواب الاستسقاء أن المراد من الاستسقاء نزول المطر والريح في الغالب يأتي به لأن الرياح على أقسام منها الريح الذي يسوق السحب الممطرة .
72 - ( حدثنا سعيد بن أبي مريم قال أخبرنا محمد بن جعفر قال أخبرني حميد أنه سمع أنسا يقول كانت الريح الشديدة إذا هبت عرف ذلك في وجه النبي ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد ذكروا غير مرة قوله عرف ذلك أي هبوبها أي أثره يعني تغير وجهه وظهر فيه علامة الخوف والحاصل أنه أطلق السبب وأراد المسبب إذ الهبوب سبب الخوف من أن يكون عذابا سلطه الله على أمته قيل كان النبي يخشى أن تصيبهم عقوبة ذنوب العامة كما أصاب الذين قالوا هذا عارض ممطرنا وروى أبو يعلى بإسناد صحيح عن قتادة عن أنس أن النبي كان إذا هاجت ريح شديدة قال اللهم إني أسألك من خير ما أمرت به وأعوذ بك من شر ما أمرت به وهذه زيادة على رواية حميد يجب قبولها لثقة رواتها وفي الباب عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وأبي بن كعب رضي الله تعالى عنهم أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود في سننه أنه قال سمعت رسول الله يقول الريح من روح الله قال سلمة فروح الله D تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب فإذا رأيتموها فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها وأما حديث ابن عباس فرواه الطبراني قال كان رسول الله إذا هاجت ريح استقبلها بوجهه وجثى على ركبتيه وقال اللهم إني أسألك من خير هذه وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت به اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا وأما حديث عائشة فرواه مسلم أنها قالت كان النبي إذا عصفت الريح قال اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به قالت فإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا مطرت