تابعه شعبة عن الأعمش .
أي تابع سفيان الثوري شعبة بن الحجاج في روايته هذا الحديث عن سليمان الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمر Bهما وأوصل البخاري هذه المتابعة في كتاب المظالم وقال الكرماني هذه المتابعة هي المتابعة المقيدة لا المطلقة حيث قال الأعمش والناقصة لا التامة حيث ذكر المتابعة من وسط الإسناد لا من أوله وقال النووي إنما أوردها البخاري على طريق المتابعة لا الأصالة وقال الكرماني ليس ذكره في هذا الموضع على طريق المتابعة لمخالفة هذا الحديث ما تقدم لفظا ومعنى من جهات كالاختلاف في ثلاث وأربع وكزيادة لفظ خالصا قلت أراد البخاري بالمتابعة هنا كون الحديث مرويا من طرق أخرى عن الثوري منها رواية شعبة عن الثوري نبه على ذلك ههنا وإن كان قد رواها في كتاب المظالم وكذلك هو مروي في ( صحيح مسلم ) وغيره من طرق أخرى عن الثوري وكلام الكرماني يشير إلى أنه فهم أن المراد بالمتابعة متابعة حديث أبي هريرة المذكور في هذا الباب وليس كذلك لأنه لو أراد ذلك لسماه شاهدا وقال بعضهم وأما دعواه أن بينهما مخالفة في المعنى فليس بمسلم وغايته أن يكون في أحدهما زيادة وهي مقبولة لأنها من ثقة متيقن قلت نفيه التسليم ليس بمسلم لأن المخالفة في اللفظ ظاهرة لا تنكر ولا تخفى فكأنه فهم أن قوله من جهات كالاختلاف يتعلق بالمعنى وليس كذلك بل يتعلق بقوله لفظا فافهم .
25 - .
( باب قيام ليلة القدر من الإيمان ) .
لما كان المذكور بعد ذكر المقدمة التي هي باب كيفية بدء الوحي كتاب الإيمان المشتمل على أبواب فيها بيان أمور الإيمان وذكر في أثنائها خمسة من الأبواب مما يضاد أمور الإيمان لأجل مناسبة ذكرناها عند ذكر أول الأبواب الخمسة عاد إلى بيان بقية الأبواب المشتملة على أمور الإيمان نحو قيام ليلة القدر من الإيمان والجهاد من الإيمان وتطوع قيام رمضان من الإيمان وصوم رمضان من الإيمان وغير ذلك من الأبواب المتعلقة بأمور الإيمان وينبغي أن تطلب المناسبة بين هذا الباب وبين باب السلام من الإسلام لأن الأبواب الخمسة المذكورة بينهما إنما هي بطريق الاستطراد لا بطريق الأصالة فالمذكور بطريق الاستطراد كالأجنبي فيكون هذا الباب في الحقيقة مذكورا عقيب باب السلام من الإسلام فتطلب المناسبة بينهما فنقول وجه المناسبة هو أن المذكور في باب السلام من الإسلام هو أن إفشاء السلام من أمور الإيمان وكذلك ليلة القدر فيها يفشى السلام من الملائكة على المؤمنين قال الله تعالى سلام هي حتى مطلع الفجر ( القدر 5 ) قال الزمخشري ما هي إلا سلام لكثرة ما يسلمون أي الملائكة على المؤمنين وقيل لا يلقون مؤمنا ولا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة ثم قوله باب معرب على تقدير أنه خبر مبتدأ محذوف منون أي هذا باب وقوله قيام مرفوع بالابتداء وخبره قوله من الإيمان ويجوز أن يترك التنوين من باب على تقدير إضافته إلى الجملة وعلى كل التقدير الأصل هذا باب في بيان أن قيام ليلة القدر من شعب الإيمان والقيام مصدر قام يقال قام قياما وأصله قواما قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها .
والكلام في ليلة القدر على أنواع الأول في وجه التسمية به فقيل سمي به لما تكتب فيها الملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة أي يظهرهم الله عليه ويأمرهم بفعل ما هو من وظيفتهم وقيل لعظم قدرها وشرفها وقيل لأن من أتى فيها بالطاعات صار ذا قدر وقيل لأن الطاعات لها قدر زائد فيها الثاني في وقتها اختلف العلماء فيه فقالت جماعة هي منتقلة تكون في سنة في ليلة وفي سنة في ليلة أخرى وهكذا وبهذا يجمع بين الأحاديث الدالة على اختلاف أوقاتها وبه قال مالك وأحمد وغيرهما قالوا إنما تنتقل في العشر الأواخر من رمضان وقيل بل في كله وقيل إنها معينة لا تنتقل أبدا بل هي ليلة معينة في جميع السنين لا تفارقها وقيل هي في السنة كلها وقيل في شهر رمضان كله وهو قول ابن عمر Bهما وبه أخذ أبو حنيفة Bه وقيل بل في العشر الأوسط والأواخر وقيل بل في الأواخر وقيل يختص بأوتار العشر وقيل بأشفاعه وقيل بل في ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين وهو قول ابن عباس وقيل في ليلة سبع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين وقيل ليلة ثلاث وعشرين وقيل ليلة أربع عشرين وهو محكي عن بلال وابن عباس Bهم وقيل سبع وعشرين وهو قول جماعة من الصحابة وبه قال أبو يوسف ومحمد وقال زيد بن أرقم