ومن الذي يستفاد من حديث الباب ظهور معجزة النبي في إخباره عن الريح التي تهب وما ذكر في تلك القصة وفيه تدريب الأتباع وتعليمهم وأخذ الحذر مما يتوقع الخوف منه وفيه فضل المدينة وفيه فضل أحد وفيه فضل الأنصار رضي الله تعالى عنهم وفيه قبول هدية الكفار وفيه جواز الإهداء لملك الكفار وجواز إقطاع أرض لهم وفيه أن المخالفة لما قاله الرسول تورث شدة وبلاء .
قال أبو عبد الله كل بستان عليه حائط فهو حديقة وما لم يكن عليه حائط لم يقل حديقة .
أبو عبد الله هو البخاري نفسه وفي بعض النسخ قال أبو عبيد الله هو القاسم بن سلام الإمام المشهور صاحب ( الغريب ) وقد ذكر هذا فيه وقد مر الكلام فيه مستوفى عن قريب .
55 - .
( باب العشر فيما يسقى من ماء السماء وبالماء الجاري ) .
أي هذا باب في بيان حكم أخذ العشر في الأرض التي تسقى من ماء السماء وهو المطر قوله والماء الجاري أي ومن الذي يسقى بالماء الجاري وإنما اختار لفظ الماء الجاري والحال أن المذكور في حديث الباب هو العيون لعمومه وشموله العيون والأنهار وهذا كما وقع في ( سنن أبي داود ) فيما سقت السماء والأنهار والعيون الحديث .
ولم ير عمر بن عبد العزيز في العسل شيئا .
مطابقته للترجمة من حيث إن العسل فيه جريان ومن طبعه الانحدار فيناسب الماء من هذه الجهة وقيل المناسبة فيه من جهة أن الحديث يدل على أن لا عشر فيه لأنه خص العشر أو نصفه بما يسقى فأفهم أن ما لا يسقى لا يعشر وفيه نظر لأن ما لا يعسر مما لا يسقى كثير فما وجه ذكر العسل وقيل إدخاله العسل فيه للتنبيه على الخلاف فيه وأنه لا يرى فيه زكاة وإن كانت النحل تغتذي مما يسقى من السماء قلت هذا أبعد من الأول على ما لا يخفى على المتأمل .
وهذا الموضع يحتاج إلى بيان ما ورد فيه من الأخبار وما ذهب إليه الأئمة فنقول بحول الله وقوته وتوفيقه .
قال الترمذي باب ما جاء في زكاة العسل حدثنا محمد بن يحيى النيسابوري حدثنا عمرو بن أبي سلمة التنيسي عن صدقة بن عبد الله عن موسى ابن يسار عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله في العسل في كل عشرة أزق زق ثم قال وفي الباب عن أبي هريرة وأبي سيارة المنعي وعبد الله بن عمرو قال أبو عيسى حديث ابن عمر في إسناده مقال ولا يصح عن النبي في هذا الباب كثير شيء والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم وبه يقول أحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم ليس في العسل شيء انتهى قلت انفرد الترمذي بحديث ابن عمر هذا وروى البيهقي من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال كتب رسول الله إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر وفي إسناده عبد الله بن المحرر بتشديد الراء المفتوحة وتكرارها وهو متروك قال ابن معين ليس بثقة وقال أحمد ترك الناس حديثه وقال الجوزجاني هالك وقال ابن حبان من خيار عباد الله إلا أنه كان يكذب ولا يعلم ويقلب الأخبار ولا يفهم وروى أبو داود الطيالسي حديث أبي سيار المنعي قال قلت يا رسول الله إن لي نخلا قال إذن تعشر قلت إحم لي جبلة فحماه لي ورواه البيهقي وقال وهذا أصح ما روي في وجوب العشر فيه وهو منقطع قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا فقال حديث مرسل وإنما قال مرسل لأن فيه سليمان بن موسى يروي عن أبي سيارة وسليمان لم يدركه ولا أحدا من الصحابة وأبو سيارة المتعي اسمه عميرة بن الأعلم وقيل عمير بن الأعلم ذكره أبو عمر في ( كتاب الأنساب ) وروى أبو داود من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء أحد بني متعان إلى رسول الله بعشور بحل له وكان سأله أن يحمي واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله ذلك الوادي فلما ولي عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما يسأله عن ذلك فكتب عمر رضي الله