عن نفسه لا يحج عن غيره وقال النووي هذا مبني على أن الحج على الفور أو التراخي فذهب الشافعي إلى أنه على التراخي وبه قال الأوزاعي والثوري ومحمد بن الحسن وهو المروي عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاووس وقال مالك وأبو يوسف هو على الفور وهو قول المزني وقول جمهور أصحاب أبي حنيفة ولا نص لأبي حنيفة في ذلك وقال أبو يوسف مذهبه يقتضي أنه على الفور وهو الصحيح ذكره الطرطوشي واحتج لهم بما رواه الحاكم من حديث مهران بن أبي صفوان عن ابن عباس يرفعه من أراد الحج فليعجل وقال أبو زرعة مهران لم يعرف وقال الحاكم كان مولى لقريش ولا يعرف بجرح وذكره ابن حبان في ( الثقات ) وصحح حديثه أيضا أبو محمد الإشبيلي وفي لفظ لأبي داود من حديث إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي فيه لين عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير عن عبد الله أو عن الفضل أو أحدهما عن الآخر قال قال رسول الله من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة وفي ( مسند أحمد ) تعجلوا إلى الحج يعني الفريضة فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له واحتج الشافعي وأصحابه بأن فريضة الحج نزلت بعد الهجرة وكان الفتح في رمضان سنة ثمان فأقام عتاب للناس الحج سنة ثمان بأمر رسول الله وكان رسول الله مقيما بالمدينة ومعه عامة أصحابه ثم غزا تبوك سنة تسع ولم يحج وكان انصرافه عنها قبل الحج فبعث أبا بكر رضي الله تعالى عنه فأقام للناس الحج تلك السنة ورسول الله معتمر هو وأزواجه وأصحابه مع القدرة على الحج ثم حج سنة عشر فدل على جواز التأخير .
وفيه دليل على أن المرأة يجوز لها أن تحج عن الرجل وهو حجة علي الحسن بن حي C تعالى في منعه عن ذلك .
وفيه بر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء الديون وغيره .
وفيه جواز أن يقال حجة الوداع بدون كراهة .
2 - .
( باب قول الله تعالى يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ( الحج 72 ) ) .
أي هذا باب في ذكر قول الله تعالى يأتوك ( الحج 72 ) إلى آخره وإنما ذكر هذه الآية مترجما بها تنبيها على أن اشتراط الراحلة في وجوب الحج لا ينافي جواز الحج ماشيا مع القدرة على الراحلة وعدم القدرة لأن الآية اشتملت على المشاة والركبان وذلك أن سبب نزول الآية أنهم كانوا لا يركبون على ما روى الطبراني C تعالى من طريق عمرو بن ذر C تعالى قال قال مجاهد رضي الله تعالى عنه كانوا لا يركبون فأنزل الله تعالى يأتوك رجالا وعلى كل ضامر ( الحج 72 ) فأمرهم بالزاد ورخص لهم في الركوب والمتجر وأول الآية وأذن في الناس بالحج يأتوك ( الحج 72 ) الآية قال المفسرون لما فرغ إبراهيم من بناء البيت أمره الله تعالى أن يؤذن قال إبراهيم يا رب وما يبلغ أذاني قال أذن وعلي البلاغ فقام بالمقام وقيل على جبل أبي قبيس وأدخل إصبعيه في أذنيه وأقبل بوجهه يمينا وشمالا وشرقا وغربا وقال يا أيها الناس إن الله يدعوكم إلى الحج ببيته الحرام فاسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء ممن سبق في علم الله تعالى أن يحج فأجابوا لبيك اللهم لبيك فمن أجاب يومئذ بعدد حج على قدره قيل أول من أجابه أهل اليمن فهم أكثر الناس حجا وهذا قول الجمهور وقال قوم المأمور بالتأذين محمد أمر أن يفعل ذلك في حجة الوداع والتوفيق بين القولين أن النبي إنما أمره الله بذلك إحياء لسنة إبراهيم E قلت يأتوك ( الحج 72 ) على القول الأول خطاب لإبراهيم وعلى القول الثاني لنبينا محمد وهو مجزوم لأنه جواب الأمر وهو قوله أذن ( الحج 72 ) قوله رجالا ( الحج 72 ) نصب على الحال من الضمير الذي في يأتوك ( الحج 72 ) وهو جمع راجل كذا قاله أبو عبيد في ( كتاب المجاز ) نحو صحاب وصاحب وعن ابن عباس رجالا رجالة وقرأ عكرمة مشددا وقرأ مجاهد مخففا وقال الجوهري جمع الراجل رجل مثل صاحب وصحب ورجالة ورجال والأراجيل جمع الجمع قوله وعلى كل ضامر ( الحج 72 ) من الضمور وهو الهزال وقال أبو الليث وعلى كل ضامر ( الحج 72 ) يعني الإبل وغيرها فلا يدخل بعير ولا غيره الحرم إلا