المراد بقوله ولا تحل لأحد بعدي الإخبار عن الحكم في ذلك لا الإخبار بما سيقع لوقوع خلاف ذلك في الشاهد كما وقع من الحجاج وغيره قوله لا يختلي أي لا يجز ولا يؤخذ قوله خلاها بفتح الخاء المعجمة مقصور الرطب من الكلأ قوله ولا تلتقط على صيغة المجهول وضعن لا تلتقط معنى لا يحل الالتقاط ويجوز أن يكون لا تلتقط على صيغة المعلوم فتكون اللام حينئذ في المعرف زائدة وقال الكرماني حكم جميع البلاد هذا وهو أن لا تلتقط إلا للتعريف قلت هذا للتعريف المجرد أي لا يتملكها بعد التعريف بل يعرفها أبدا قوله لصاغتنا جمع صائغ قوله إلا الإذخر بكسر الهمزة نبت معروف والمستثنى منه هو قوله لا يختلى خلاها ومثله يسمى بالاستثناء التلقيني .
وعن خالد عن عكرمة قال هل تدري ما لا ينفر صيدها هو أن ينحيه من الظل ينزل مكانه .
وعن خالد عطف على قوله حدثنا خالد عن عكرمة داخل في الإسناد المذكور قوله قال هل تدري هذا خطاب من عكرمة لخالد يريد أن ينبه عكرمة بذلك على المنع من الإتلاف وسائر أنواع الأذى وهذا تنبيه بالأدنى على الأعلى كما في قوله تعالى ولا تقل لهما أف ( الإسراء 32 ) فإذا كان الشخص ممنوعا عن القول بأف لوالديه فمنعه عن سبهما بطريق الأولى وقد خالف في ذلك عطاء ومجاهد عكرمة فإنهما قالا لا بأس بطرده ما لم يفض إلى قتله رواه ابن أبي شيبة وروى أيضا من طريق الحكم عن شيخ من أهل مكة أن حماما كان على البيت فذرق على يد عمر فأشار عمر بيده فطار فوقع على بعض بيوت مكة فجاءت حية فأكلته فحكم عمر رضي الله تعالى عنه على نفسه بشاة وروى من طريق آخر عن عثمان رضي الله تعالى عنه نحوه قوله ما لا ينفر أي ما الشيء الذي ينفر صيد مكة وكلمة ما استفهامية فيستفهم بها عن مضمون الجملة التي بعدها أي ما الغرض من لفظ ما لا ينفر صيدها قوله هو أي التنفير دل عليه قوله ينفر من قبيل قوله تعالى اعدلوا هو ( المائدة 8 ) أي العدل أقرب للتقوى ( المائدة 8 ) قوله أن ينحيه من التنحية وهو الإبعاد من نحى ينحي بالحاء المهملة وهو على صيغة الغائب والضمير فيه يرجع إلى المنفر الذي يدل عليه لفظ ينفر ويروى تنحية بالخطاب وقوله ينزل بالوجهين أيضا ومعنى ينزل مكانه أي مكان الصيد وهذه جملة وقعت حالا .
01 - .
( باب لا يحل القتال بمكة ) .
أي هذا باب يذكر فيه لا يحل القتال بمكة أي في مكة قوله القتال هكذا وقع في لفظ الحديث وكذا وقع في رواية مسلم ووقع في رواية أخرى بلفظ القتل والفرق بين القتل والقتال ظاهر أما القتل فنقل بعضهم الاتفاق على جواز إقامة حد القتل فيها على من أوقعه فيها وخص الخلاف بمن قتل في الحل ثم لجأ إلى الحرم وممن نقل الإجماع على ذلك ابن الجوزي وأما القتال فقال الماوردي من خصائص مكة أن لا يحارب أهلها فلو بغوا على أهل العدل فإن أمكن ردهم بغير قتال لم يجز وإن لم يمكن إلا بالقتال فقال الجمهور يقاتلون لأن قتال البغاة من حقوق الله تعالى فلا يجوز إضاعتها وقال آخرون لا يجوز قتالهم بل يضيق عليهم إلى أن يرجعوا إلى الطاعة .
وقال أبو شريح رضي الله تعالى عنه عن النبي لا يسفك بها دما .
أبو شريح هو الصحابي المذكور في الباب الذي قبل الباب السابق وقد مضى فيه هذا التعليق موصولا .
4381 - حدثنا ( عثمان بن أبي شيبة ) قال حدثنا ( جرير ) عن ( منصور ) عن ( مجاهد ) عن ( طاووس ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال قال النبي يوم افتتح مكة لا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا فإن هذا بلد حرم الله يوم خلق السماوات والأرض وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته