وفي لفظ له عن أبي سعيد مطولا وفيه فقال إنكم مصبحوا عدوكم والفطر أنوى لكم فأفطروا وكانت عزيمة فأفطرنا ثم لقد رأيتنا نصوم مع رسول الله بعد ذلك في السفر وقوله لقد رأيتنا أي رأيت أنفسنا وهذا الحديث حجة على من زعم أن الصائم في السفر لا يجزيه صومه لأن تركهم لإنكار الصوم والفطر يدل على أن ذلك عندهم من المتعارف المشهور الذي تجب الحجة به - .
83 - .
( باب من أفطر في السفر ليراه الناس ) .
أي هذا باب في بيان شأن الذي أفطر في السفر ليراه الناس فيقتدوا به ويفطرون بفطره ويفهم منه أن أفضلية الفطر لا تختص بمن تعرض له المشقة إذا صام أو بمن يخشى العجب والرياء أو بمن يظن به أنه رغب عن الرخصة بل إذا رأى من يقتدي به أفطر يفطر هو أيضا وذلك لأن النبي إنما أفطر في السفر ليراه الناس فيقتدوا به ويفطرون لأن الصيام كان أضرهم فأراد الرفق بهم والتيسير عليهم أخذا بقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ( البقرة 581 ) فأخبر الله تعالى أن الإفطار في السفر أراده للتيسير على عباده فمن اختار رخصة الله فأفطر في سفره أو مرضه لم يكن معنفا ومن اختار الصوم وهو يسير عليه فهو أفضل لورود الأخبار بصومه في السفر .
8491 - حدثنا ( موسى بن إسماعيل ) قال حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( منصور ) عن ( مجاهد ) عن ( طاووس ) عن ( ابن عباس ) رضي الله تعالى عنهما قال خرج رسول الله من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس فأفطر حتى قدم مكة وذلك في رمضان فكان ابن عباس يقول قد صام رسول الله وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر .
مطابقته للترجمة في قوله ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليريه الناس فأفطر .
ذكر رجاله وهم ستة كلهم قد ذكروا غير مرة وأبو عوانة بالفتح الوضاح اليشكري .
ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه العنعنة في أربع مواضع وفيه القول في موضع وفيه أن شيخه بصري وأن أبا عوانة واسطي وأن منصورا كوفي وأن مجاهدا مكي وأن طاووسا يماني وفيه مجاهد عن طاووس من رواية الأقران وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي وفيه عن مجاهد عن طاووس عن ابن عباس وأخرجه النسائي من طريق شعبة عن منصور فلم يذكر طاووسا في الإسناد وكذا أخرجه من طريق الحكم عن مجاهد عن ابن عباس والوجه فيه أن مجاهدا أخذه أولا عن طاووس ثم لقي ابن عباس فأخذه عنه .
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره أخرجه البخاري أيضا في المغازي عن علي بن عبد الله وأخرجه مسلم في الصوم عن إسحاق بن إبراهيم وأخرجه أبو داود فيه عن مسدد عن أبي عوانة به وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن قدامة عن جرير به وعن محمد بن رافع .
ذكر معناه قوله عسفان قد مر تفسيره عن قريب قوله فرفعه إلى يديه أي رفع الماء إلى غاية طول يديه وهو حال أو فيه تضمين أي انتهى الرفع إلى أقصى غايتها وقال بعضهم فرفعه إلى يديه كذا في الأصول التي وقفت عليها من البخاري وهو مشكل لأن الرفع إنما يكون باليد ثم نقل ما قاله الكرماني وهو ما ذكرناه ثم قال وقد وقع عند أبي داود عن مسدد عن أبي عوانة بالإسناد المذكور في البخاري فرفعه إلى فيه وهذا أوضح ولعل الكلمة تصحيف انتهى قلت لا إشكال ههنا أصلا ولا تصحيف وهذا وهم فاسد وذلك لأن المراد من الرفع ههنا هو أن يرفعه جدا طول يديه حتى يعلو إلى فوق ليراه الناس وليس المراد مجرد الرفع باليد من الأرض أو من يد الأكبر لأنه بمجرد الرفع لا يراه الناس قوله ليراه الناس برفع الناس لأنه فاعل يرى والضمير المنصوب فيه مفعوله وهكذا هو