وقال بعضهم أبعد الكرماني في قوله هذا قلت ما أبعد فيه بل غرضه هذا وشيء آخر وهو الإشارة إلى أنه حفظه من الزهري بالسماع قوله فقال أخبرني أي قال الزهري أخبرني مالك بن أوس قوله بخبر جملة حالية قوله الذهب بالذهب ويروى الذهب بالورق بكسر الراء وهو رواية أكثر أصحاب ابن عيينة عن الزهري وهي رواية أكثر أصحاب الزهري ثم معنى قوله الذهب بالذهبأي بيع الذهب بالذهب ربا إلا أن يقول كل واحد من المتصارفين لصاحبه هاء يعني خذ أو هات فإذا قال أحدهما خذ يقول الآخر هات والمراد أنهما يتقابضان في المجلس قبل التفرق منه وأن يكون العوضان متماثلين متساويين في الوزن كما في حديث أبي بكرة سيأتي نهانا رسول الله أن نبيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة إلا سواء بسواء ثم الكلام في الذهب هل مذكر أم مؤنث فقال في ( المنتهى ) ربما أنث في اللغة الحجازية والقطعة منه ذهبة ويجمع على أذهاب وذهوب وفي ( تهذيب الأزهري ) لا يجوز تأنيثه إلا أن يجعل جمعا لذهبة وفي ( الموعب ) عن صاحب ( العين ) الذهب التبر والقطعة منه ذهبة يذكر ويؤنث وعن ابن الأنباري الذهب أنثى وربما ذكر وعن الفراء وجمعه ذهبان وأما قوله هاء وهاء فقال صاحب ( العين ) هو حرف يستعمل في المناولة تقول هاء وهاك وإذا لم تجىء بالكاف مددت فكان المدة في هاء خلف من كاف المخاطبة فنقول للرجل هاء وللمرأة هائي وللاثنين هاؤما وللرجال هاؤموا وللنساء هاؤن وفي ( المنتهى ) تقول هاء يا رجل بهمزة ساكنة مثال هع أي خذ وفي ( الجامع ) فيه لغتان بألف ساكنة وهمزة مفتوحة وهو اسم الفعل ولغة إخرى هايا رجل كأنه من هاي يهاي فحذفت الياء للجزم ومنهم من يجعله بمنزلة الصوت ها يا رجل وهايا رجلان وهايا رجال وها يا امرأة وها يا امرأتان وها يا نسوة وفي ( شرح المشكاة ) فيه لغتان المد والقصر والأول أفصح وأشهر وأصله هاك فأبدلت من الكاف معناه خذ فيقول صاحبه مثله والهمزة مفتوحة ويقال بالكسر ومعناه التقابض وقال المالكي وحق ها أن لا يقع بعدها إلا كما لا يقع بعدها هذ وبعد أن وقع يجب تقدير قول قبله يكون به محكيا فكأنه قيل ولا الذهب بالذهب إلا مقول عنده من المتبايعين هاء وهاء وقال الطيبي ومحله النصب على الظرفية والمستثنى منه مقدر يعني بيع الذهب بالذهب ربا في جميع الأزمنة إلا عند الحضور والتقابض قوله والبر بالبر أي وبيع البر بالبر وهكذا يقدر في البواقي .
ذكر ما يستفاد منه أجمع المسلمون على تحريم الربا في هذه الأشياء الأربعة التي ذكرت في حديث عمر رضي الله تعالى عنه وشيئان آخران وهما الفضة والملح فهذه الأشياء الستة مجمع عليها واختلفوا فيما سواها فذهب أهل الظاهر ومسروق وطاووس والشعبي وقتادة وعثمان البتي فيما ذكره الماوردي إلى أنه يتوقف التحريم عليها وقال سائر العلماء بل يتعدى إلى ما في معناها فأما الذهب والفضة والعلة فيهما عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه الوزن في جنس واحد فالحق بهما كل موزون وعند الشافعي العلة فيهما جنس الأثمان وأما الأربعة الباقية ففيها عشرة مذاهب الأول مذهب أهل الظاهر أنه لا ربا في غير الأجناس الستة الثاني ذهب أبو بكر الأصم إلى أن العلة فيها كونها منتفعا بها فيحرم التفاضل في كل ما ينتفع به حكاه عنه القاضي حسين الثالث مذهب ابن سيرين وأبي بكر الأودي الشافعي أن العلة الجنسية فحرم كل شيء بيع بجنسه كالتراب بالتراب متفاضلا والثوب بالثوبين والشاة بالشاتين الرابع مذهب الحسن بن أبي الحسن أن العلة المنفعة في الجنس فيجوز عنده بيع ثوب قيمته دينار بثوبين قيمتهما دينار ويحرم عنده بيع ثوب قيمته دينار بثوب قيمته ديناران الخامس مذهب سعيد بن جبير أن العلة تفاوت المنفعة في الجنس فيحرم التفاضل في الحنطة بالشعير لتفاوت منافعهما وكذلك الباقلاء بالحمص والدخن بالذرة السادس مذهب ربيعة بن أبي عبد الرحمن أن العلة كونه جنسا تجب فيه الزكاة ويحرم الربا في جنس تجب فيه الزكاة من المواشي والزروع وغيرهما ونفاه عما لا زكاة فيه السابع مذهب مالك كونه مقتاتا مدخرا فحرم الربا في كل ما كان قوتا مدخرا ونفاه عما ليس بقوت كالفواكه وعما هو قوت لا يدخر كاللحم الثامن مذهب أبي حنيفة أن العلة الكيل مع جنس أو الوزن مع جنس فحرم الربا في كل مكيل وإن لم يؤكل كالجص والنورة والأشنان ونفاه عما لا يكال ولا يوزن وإن كان مأكولا كالسفرجل والرمان التاسع مذهب سعيد بن المسيب وهو قول الشافعي في القديم أن العلة كونه مطعوما يكال أو يوزن فحرمه في كل مطعوم يكال أو يوزن