ذكر ما يستفاد منه قال ابن عبد البر لا خلاف بين أهل العلم في أن ما دخل في الجنس الواحد من جنس التفاضل والزيادة لم تجز فيه الزيادة لا في كيل ولا في وزن والوزن والكيل في ذلك سواء عندهم إلا أن كان أصله الكل لا يباع إلا كيلا وما كان أصله الوزن لا يباع إلا وزنا وما كان أصله الكيل فبيع وزنا فهو عندهم مماثلة وإن كرهوا ذلك وما كان موزونا فلا يجوز أن يباع كيلا عند جميعهم لأن المماثلة لا تدرك بالكيل إلا فيما كان كيلا لا وزنا اتباعا للسنة وأجمعوا أن الذهب والورق والنحاس وما أشبهه لا يجوز يبيع شىء كله كيلا لكيل يوجه من الوجوه والتمر كله على اختلاف انواعه جنس واحد لا يجوز فيه التفاضل في البيع والمعاوضة وكذلك البر والزبيب وكل طعام مكيل هذا حكم الطعام المقتات عند مالك وعند الشافعي الطعام كله مقتات أو غير مقتات وعند الكوفيين الطعام المكيل والموزون دون غيره وقد احتج بحديث الباب من أجاز بيع الطعام من رجل نقدا ويبتاع منه طعاما قبل الافتراق وبعده لأنه لم يخص فيه بائع الطعام ولا مبتاعه من غيره وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأبي ثور ولا يجوز هذا عند مالك وقال ابن بطال وزعم قوم أن بيع العامل الصاعين بالصاع كان قبل نزول آية الربا وقبل إخبارهم بتحريم التفاضل بذلك فلذلك لم يأمره بفسخه قال وهذه غفلة لأنه قال في غنائم خيبر للسعدين أريتما فردا وفتح خيبر مقدم على ما كان بعد ذلك مما وقع في ثمرها وجميع أمرها وقد احتج بعض الشافعية بهذا الحديث على أن العينة ليست حراما يعني الحيلة التي يعملها بعضهم توصلا إلى مقصود الربا بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بمائتين فيبيعه ثوبا بمائتين ثم يشتري منه بمائة ودليل هذا من الحديث أن النبي قال له بع هذا واشتر بثمنه من هذا ولم يفرق بين أن يشتري من المشتري أو من غيره فدل على أنه لا فرق وقال النووي وهذا كله ليس بحرام عند الشافعي وأبي حنيفة وآخرين وقال مالك وأحمد هو حرام وفي الحديث حجة على من يقول إن بيع الربا جائز بأصله من حيث إنه بيع ممنوع بوصفه من حيث هو ربا فيسقط الربا ويصح البيع قال القرطبي ولو كان على ما ذكر لما فسخ رسول الله هذه الصفقة ولا أمر برد الزيادة على الصاع وفيه جواز اختيار طيب الطعام وقال ابن الجوزي وفي التخيير له التمر الطيب وإقرارهم عليه دليل على أن النفس يرفق بها لحقها وهو عكس ما يصنعه جهال المتزهدين من حملهم على أنفسهم ما لا يطيقون جهلا منهم بالسنة وفيه جواز الوكالة في البيع وغيره وفيه أن البيوع الفاسدة ترد .
09 - .
( باب من باع نخلا قد أبرت أو أرضا مزروعة أو بإجارة ) .
أي هذا باب في بيان حكم من باع نخلا والنخل اسم جنس يذكر ويؤنث والجمع نخيل قوله قد أبرت جملة وقعت صفة لقوله نخلا وهو على صيغة المجهول بتشديد الباء الموحدة من التأبير وهو التشقيق والتلقيح ومعناه شق طلع النخلة الأنثى ليذر فيه شيء من طلع النخلة الذكر قال القرطبي يقال أبرت النخلة آبرها بكسر الباء وضمها فهي مأبورة وإبار كل ثمر بحسبه وبما جرت عادتهم فيه بما يثبت ثمره ويعقده وقد يعبر بالتأبير عن ظهور الثمرة وعن انعقادها وأن يفعل فيها شيء وقال النووي أبرته آبره أبرا وإبرا بالتخفيف كأكلته أكلا وأبرته بالتشديد أؤبره تأبيرا كعلمته أعلمه تعليما والإبار شق طلع النخلة سواء خط فيه شيء أم لا ولو تأبرت بنفسها أي تشققت فحكمها في البيع حكم المؤبرة بفعل الآدمي قوله أو أرضا أو باع أرضا مزروعة قوله أو بإجارة عطف على باع بتقدير فعل مقدر تقديره أو أخذ بإجارة وجواب من محذوف تقديره فثمرتها للذي أبرها ولم يذكره اكتفاء بما في الحديثقال أبو عبد الله وقال لي إبراهيم أخبرنا هشام قال أخبرنا ابن جريج قال سمعت ابن أبي مليكة يخبر عن نافع مولى ابن عمر أن أيما نخل بيعت قد أبرت لم يذكر الثمر فالثمر للذي أبرها وكذلك العبد والحرث سمى له نافع هؤلاء الثلاث .
مطابقته للترجمة في قوله نخل بيعت قد أبرت فإن قلت للترجمة ثلاثة أجزاء الأول بيع النخل المؤبرة والثاني بيع الأرض