قال هو عروة كذا قال بعضهم قلت فاعل قال هو عروة بلا احتمال فليتأمل قوله إما أنه بفتح همزة أما وتخفيف ميمها وهي حرف استفتاح بمنزلة ألا وكلمة أن بعدها تكسر بخلاف إما التي بمعنى حقا فإنها تفتح بعدها والضمير في أنه للشأن قوله ليس لها خير في ذكر هذا الحديث لأن الشخص لا ينبغي له أن يذكر شيئا عليه فيه غضاضة .
قوله وزاد ابن أبي الزناد أي زاد عبد الرحمن بن أبي الزناد بالنون واسمه عبد الله أبو محمد المدني فيه مقال فقال النسائي لا يحتج بحديثه وقال ابن عدي بعض رواياته لا يتابع عليها وقال يعقوب بن شيبة ثقة صدوق وفي بعض حديثه ضعف وعن يحيى بن معين أثبت الناس في هشام بن عروة استشهد به البخاري في ( صحيحه ) وروى له في غيره وروى له مسلم في مقدمة كتابه وروى له الأربعة ووصل هذه الزيادة المعلقة أبو داود عن سليمان بن داود أنبأنا ابن وهب أخبرني عبد الحمن بن أبي الزناد فذكره قوله عابت عائشة يعني على فاطمة بنت قيس وقالت يعني عائشة قوله وحش بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وبالشين المعجمة أي مكان خال لا أنيس به قوله فلذلك أي فلأجل كونها في مكان وحش أرخص لها بالانتقال وقد احترق ابن حزم هنا فقال هذا حديث باطل لأنه من رواية ابن أبي الزناد وهو ضعيف جدا ورد بما ذكرنا ولا سيما قول يحيى بن معين هو أثبت الناس في هشام بن عروة .
والحاصل من هذه الأحاديث بيان رد عائشة حديث فاطمة بنت قيس على الوجه الذي ذكرته من غير بيان العلة فيه وأن المطلقة المبانة لها النفقة والسكنى وقال صاحب ( الهداية ) وحديث فاطمة رده عمر رضي الله تعالى عنه فإنه قال لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت حفظت أم نسيت إني سمعت رسول الله يقول للمطلقة الثلاث النفقة والسكنى ما دامت في العدة ورده أيضا زيد بن ثابت وأسامة بن زيد وجابر وعائشة Bهم وقال بعضهم ادعى بعض الحنفية أن في بعض طرق حديث عمر للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة ورده ابن السمعاني بأنه من قول بعض المجازفين فلا تحل روايته وقد أنكر أحمد ثبوت ذلك عن عمر أصلا ولعله أراد ما ورد من طريق إبراهيم النخعي عن عمر رضي الله تعالى عنه لكونه لم يلقه انتهى قلت ما المجازف إلا من ينسب المجازفة إلى العلماء من غير بيان فإن كان مستنده إنكار أحمد ثبوت ذلك عن عمر رضي الله تعالى عنه فلا يفيده ذلك لأن الذين قالوا بذلك يقولون بثبوت ذلك عن عمر فالمثبت أولى من النافي لأن معه زيادة علم وقد قال الطحاوي الذي هو إمام جهبذ في هذا الفن لما جاءت فاطمة بنت قيس فروت عن النبي قال لها إنما السكنى والنفقة لمن كانت عليها الرجعة خالفت بذلك كتاب الله تعالى نصا لأن كتاب الله تعالى قد جعل السكنى لمن لا رجعة عليها وخالفت سنة رسول الله لأن عمر Bه وقد روى عن النبي خلاف ما روت فخرج المعنى الذي منه أنكر عليها عمر ما أنكر خروجا صحيحا وبطل حديث فاطمة فلم يجب العمل به أصلا انتهى وأراد بقوله قد روي عن النبي خلاف ما روت قوله سمعت النبي يقول لها السكنى والنفقة أي للمبتوتة وكذا روى جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما عن النبي قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة رواه الدارقطني من حديث حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي فذكره فإن قلت قال عبد الحق في ( أحكامه ) وحرب بن أبي العالية لا يحتج به ضعفه يحيى بن معين في رواية الداروردي عنه وضعفه في رواية ابن أبي خيثمة والأشبه وقفه على جابر انتهى قلت حديث حرب بن أبي العالية في ( صحيح مسلم ) وأخرج له أيضا الحاكم في ( مستدركه ) ويكفي توفيق مسلم إياه وروى الطحاوي أيضا من حديث الشعبي عن فاطمة أنها أخبرت عمر بن الخطاب بأن زوجها طلقها ثلاثا فأتت النبي فقال لا نفقة لك ولا سكنى فأخبرت بذلك النخعي فقال أخبر عمر ذلك فقال سمعت النبي يقول لها السكنى والنفقة فإن قلت لم يدرك إبراهيم عمر لأنه ولد بعده بسنتين قلت لا يضر ذلك لأن مرسل إبراهيم يحتج به ولا سيما على أصلنا فافهم .
24 - .
( باب المطلقة إذا خشي عليها في مسكن زوجها أن يقتحم عليها أو تبذو على أهلها بفاحشة )