هريرة في أول باب الحدود .
7 - .
( باب لعن السارق إذا لم يسم ) .
أي هذا باب في بيان حكم لعن السارق إذا لم يعينه وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى وجه التوفيق بين النهي عن لعن الشارب المعين وبين حديث الباب وقال صاحب ( التلويح ) قوله في الترجمة باب لعن السارق إذا لم يسم كذا في جميع النسخ فإن صحت الترجمة فهو أنه لا ينبغي تعيير أهل المعاصي ومواجهتهم باللعن وإنما ينبغي أن يلعن في الجملة من فعل فعلهم ليكون ذلك ردعا وزحرا عن انتهاك شيء منها فإذا وقعت من معين لم يلعن بعينه لئلا يقنط وييأس ولنهي النبي عن لعن النعيمان وقال ابن بطال فإن كان البخاري أشار إلى هذا فهو غيرصحيح لأن الشارع إنما نهى عن لعنه بعد إقامة الحد عليه فدل على أن الفرق بين من يجب لعنه وبين من لا يجب وبأن بيانه أن من أقيم عليه الحد لا ينبغي لعنته وأن من لم يقم عليه فاللعنة متوجهة إليه سواء سمي وعين أم لا لأن النبي لا يلعن إلا من تجب عليه اللعنة ما دام على تلك الحالة الموجبة لها فإذا تاب منها وطهره الحد فلا لعنة تتوجه إليه .
3876 - حدثنا ( عمر بن حفص بن غياث ) حدثني أبي حدثنا ( الأعمش ) قال سمعت ( أبا صالح ) عن ( أبي هريرة ) عن النبي قال لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده قال الأعمش كانوا يرون أنه بيض الحديد والحبل كانوا يرون أنه منها ما يساوي دراهم .
مطابقته للترجمة ظاهرة وأخرج الحديث عن عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث بن طلق النخعي الكوفي قاضيها عن سلميان الأعمش عن أبي صالح ذكوان الزيات عن أبي هريرة .
والحديث أخرجه مسلم في الحدود أيضا عن أبي بكر وأبي كريب وأخرجه النسائي في القطع عن عبد الله بن محمد المخزومي وأحمد بن حرب وأخرجه ابن ماجه في الحدود عن أبي بكر .
قوله قال الأعمش موصول بالإسناد المذكور قوله كانوا يرون بفتح الراء من الرأي يريد به أن الذين رووا هذا الحديث كانوا يقولون إن المراد بالبيضة بيض الحديد وهو البيضة التي تكون على رأس المقاتل وبالحبل ما يساوي منها دراهم وقال الكرماني يراد به ثلاثة دراهم .
قلت نظر في ذلك إلى أن أقل الجمع ثلاثة وأنه أيضا أشار به إلى مذهبه فإن عنده يقطع يد السارق في ربع دينار وهو ثلاثة دراهم ثم قال وغرضه أنه لا قطع في الشيء القليل بل ماله نصاب كربع الدينار وعندنا لا قطع في أقل من عشر دراهم على ما يجيء بيانه إن شاء الله تعالى وفي ( التوضيح ) وقول الأعمش البيضة هنا بيضة الحديد التي تغفر الرأس في الحرب والحبل من حبال السفن تأويل لا يجو عند من يعرف صحيح كلام العرب لأن كل واحد من هذين بدنانير كثيرة وفي الدارقطني من حديث أبي خباب الدلال حدثنا مختار بن نافع حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي الله تعالى عنه عن رسول الله أنه قطع في بيضة من حديد قيمتها إحدى وعشرون درهما وليس من عادة العرب والعجم أن يقولوا قبح الله فلانا عرض نفسه للضرب في عقد جوهر وتعرض للعقوبة بالغلول في جراب مسك وإنما العادة في مثل هذا أن يقال لعنه الله تعرض لقطع اليد في حبل رت أو كبة شعر أو رداء خلق وكلما كان من هذا الفن أحقر فهو أبلغ وقال الخطابي إن ذلك من باب التدريج لأنه إذا استمر ذلك به لم يأمن أن يؤديه ذلك إلى سرقة ما فوقها حتى يبلغ فيه القطع فتقطع يده فليحذر هذا الفعل وليتركه قبل أن تملكه العادة ويموت عليها ليسلم من سوء عاقبته وقال الداودي ما قاله الأعمش محتمل وقد يحتمل أن يكون هذا قبل أن يبين الشارع القدر الذي يقطع فيه السارق وقيل هذا محمول على المبالغة في التنبيه على عظم ما خسر وحقر ما حصل وقال القرطبي ونظير حمله على المبالغة ما حمل عليه قوله من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة فإن أحدا لم يقل فيه إنه أراد المبالغة في ذلك وإلا فمن المعلوم أن مفحص القضاة وهو قدر ما تحصن به بيضها لا يتصور أن يكون مسجدا ومنه تصدقن ولو