البول عند جميعهم أيضا إلا أن طائفة توجب الوضوء على من كانت هذه حاله لكل صلاة قياسا على المستحاضة عندهم وطائفة تستحبه ولا توجبه وأما المذي المعهود المتعارف وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله لما يجري من اللذة أو لطول عزبة فعلى هذا المعنى خرج السؤال في حديث علي رضي الله تعالى عنه وعليه يقع الجواب وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه وإيجاب غسله لنجاسته انتهى .
وقال ابن حزم في ( المحلي ) المذي تطهيره بالماء يغسل مخرجه من الذكر وينضح بالماء ما مسه من الثوب انتهى قلت قال الطحاوي لم يكن أمره بغسل ذكره لإيجاب غسله كله ولكنه ليتقلص أي لينزوي وينضم ولا يخرج كما إذا كان له هدى وله لين فإنه ينضح ضرعه بالماء ليتقلص ذلك فيه فلا يخرج قلت من خاصية الماء البارد أن يقطع اللين ويرده إلى داخل الضرع وكذلك إذا أصاب الأنثيين رد المذي وكسره ثم قال الطحاوي وقد جاءت الآثار متواترة في ذلك فروى منها حديث ابن عباس عن علي وقد ذكرناه وعن غير ابن عباس عن علي رضي الله تعالى عنه ثم قال فلا ترى أن عليا رضي الله تعالى عنه لما ذكر عن النبي ما أوجب عليه في ذلك ذكر وضوء الصلاة فثبت بذلك أن ما كان سوى وضوء الصلاة مما أمره به فإنما كان لغير المعنى الذي أوجب وضوء الصلاة ثم قال وقد روى سهل بن حنيف عن رسول الله ما قد دل على هذا أيضا حدثنا نصر بن مرزوق وسليمان بن شعيب قالا حدثنا يحيى بن حسان قال حدثنا حماد بن زيد عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن عبيد السباق عن أبيه عن سهل بن حنيف أنه سأل النبي عن المذي فقال فيه الوضوء وقال أبو جعفر فأخبر أن ما يجب فيه هو الوضوء وذلك ينفي أن يكون عليه مع الوضوء غيره وأخرج الترمذي أيضا هذا الحديث من طريق محمد بن إسحاق إلخ ولفظه كنت ألقى من المذي شدة وعناء فكنت أكثر منه الغسل فذكرت ذلك للنبي وسألته عنه فقال إنما يجزيك من ذلك الوضوء قلت يا رسول الله كيف بما يصيب ثوبي منه قال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به ثوبك حيث ترى أنه أصاب منه ثم قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وأخرجه ابن ماجه أيضا بنحوه فإن قلت روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال إذا وجدت الماء فاغسل فرجك وانثييك وتوضأ وضوءك للصلاة قاله لسليمان بن ربيعة الباهلي وكان قد تزوج امرأة من بني عقيل فكان يأتيها فيلاعبها فيمذي فسأل ذلك عنهقلت يحتمل جواب ذلك ما ذكرناه من حديث رافع بن خديج ثم شيد الطحاوي ما ذهب إليه أصحابنا بما روي عن ابن عباس أنه قال هو المني والمذي والودي فأما المذي والودي فإنه يغسل ذكره ويتوضأ وأما المني ففيه الغسل وأخرجه الطحاوي من طريقين حسنين جيدين وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا نحوه وروي أيضا عن الحسن أنه يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة روي عن سعيد بن جبير قال إذا أمذى الرجل غسل الحشفة وتوضأ وضوءه للصلاة وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا نحوه ثم قال الطحاوي وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ثم اعلم أن ابن دقيق العيد استدل بالحديث المذكور على تعين الماء فيه دون الأحجار ونحوها أخذا بالظاهر ووافقه النووي على ذلك في ( شرح مسلم ) وخالفه في باقي كتبه وحمل الأمر بالغسل على الاستحباب .
ومن أحكام هذا الحديث دلالته على نجاسة المذي وهو ظاهر ونقل عن ابن عقيل الحنبلي أنه خرج من قول بعضهم أن المذي من أجزاء المني رواية بطهارته ورد عليه أنه لو كان كذلك لوجب الغسل منه .
14 - .
( باب من تطيب ثم اغتسل وبقي أثر الطيب ) .
أي هذا باب في بيان حكم من تطيب قبل الاغتسال من الجنابة وبقي أثر التطيب في جسده وكانوا يتطيبون عند الجماع لأجل النشاط وقال ابن بطال السنة اتخاذ الطيب للرجال والنساء عند الجماع .
والمناسبة بين الحديثين من حيث إن في الباب السابق يحصل الطيب في الخاطر عند غسل المذي وهاهنا يحصل الطيب في البدن والنشاط في الخاطر عم التطيب عند الجماع .
270 - حدثنا ( أبو النعمان ) قال حدثنا ( أبو عوانة ) عن ( الثالث ) ( براهيم بن محمد بن المنتشر ) عن أبيه قال سألت عائشة فذكرت لها قول ابن عمر ما أحب إن أصبح محرما أنضح طيبا فقالت عائشة أنا طيبت رسول الله ثم طاف في نسائه ثم أصبح محرما