بسم الله الرحمن الرحيم .
8 - .
( كتاب الصلاة ) .
أي هذا كتاب في بيان أحكام الصلاة وارتفع كتاب على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قدرناه ويجوز أن يكون مبتدأ محذوف الخبر أي كتاب الصلاة هذا ويجوز أن ينتصب على تقدير خذ كتاب الصلاة وقد مضى تفسير الكتاب مرة ولما فرغ من بيان الطهارة التي منها شروط الصلاة شرع في بيان الصلاة التي هي المشروطة فلذلك أخرها عن الطهارات لأن شرط الشيء يسبقه وحكمه يعقبه ثم معنى الصلاة في اللغة الغالبة الدعاء قال تعالى وصل عليهم ( ) أي ادع لهم وفي الحديث في إجابة الدعوة وإن كان صائما فليصل أي فليدع لهم بالخير والبركة وقيل هي مشتقة من صليت العود على النار إذا قومته قال النووي هذا باطل لأن لام الكلمة في الصلاة واو بدليل الصلوات وفي صليت فكيف يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف الأصلية .
قلت دعواه بالبطلان غير صحيحة لأن اشتراط اتفاق الحروف الأصلية في الاشتقاق الصغير دون الكبير والأكبر فإن قلت لو كانت واوية كان ينبغي أن يقال صلوت ولم يقل ذلك قلت هذا لا ينفي أن تكون واوية لأنهم يقلبون الواو ياء إذا وقعت رابعة وقيل الصلاة مشتقة من الصلوين تثنية الصلا وهو ما عن يمين الذنب وشماله قاله الجوهري قلت هما العظمان الناتئان عند العجيزة وذلك لأن المصلي يحرك صلويه في الركوع والسجود وقيل مشتقة من المصلى وهو الفرس الثاني من خيل السباق لأن رأسه تلي صلوي السابق وقيل أصلها من التعظيم وسميت العبادة المخصوصة صلاة لما فيها من تعظيم الرب وقيل من الرحمة وقيل من التقرب من قولهم شاة مصلية وهي التي قربت إلى النار وقيل من اللزوم قال الزجاج يقال صلى واصطلى إذا لزم وقيل هي الإقبال على الشيء وأنكر غير واحد بعض هذه الاشتقاقات لاختلاف لام الكلمة في بعض هذه الأقوال فلا يصح الاشتقاق مع اختلاف الحروف قلت قد أجبنا الآن عن ذلك وأما معناها الشرعي فهي عبارة عن الأركان المعهودة والأفعال المخصوصة .
وقد ذكر بعضهم وجه المناسبة بين أبواب كتاب الصلاة وهي تزيد على عشرين نوعا في هذا الموضع ثم قال آخر ما ظهر من مناسبة ترتيب كتاب الصلاة في هذا الجامع الصحيح ولم يتعرض أحد من الشراح لذلك قلت نحن نذكر وجه المناسبة بين كل بابين من هذه الأبواب بما يفوق ذلك على ماذكره يظهر ذلك عند المقابلة وذكرها في موضعها أنسب وأوقع في الذهن وأقرب إلى الصواب وبا التوفيق .
1 - .
( باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء ) .
أي هذا باب في بيان كيفية فرضية الصلاة في ليلة الإسراء وفي رواية الكشميهني والمستملي كيف فرضت الصلوات بالجمع واختلفوا في المعراج والإسراء هل كانا في ليلة واحدة أو في ليلتين وهل كانا جميعا في اليقظة أو في المنام أو أحدهما في اليقظة والآخر في المنام فقيل إن الإسراء كان مرتين مرة بروحه مناما ومرة بروحه وبدنه يقظة ومنهم من يدعي تعدد الإسراء في اليقظة أيضا حتى قال إنه أربع إسراآت وزعم بعضهم أن بعضها كان بالمدينة ووفق أبو شامة في روايات حديث الإسراء بالجمع بالتعدد فجعل ثلاث إسراآت مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط على البراق ومرة من مكة إلى السموات على البراق أيضا ومرة من مكة إلى بيت المقدس ثم إلى السموات وجمهور السلف والخلف على الإسراء كان ببدنه وروحه وأما من مكة إلى بيت المقدس فبنص القرآن وكان في السنة الثانية عشرة من النبوة وفي رواية البيهقي من طريق موسى بن عقبة عن الزهري أه أسري به قبل خروجه إلى المدينة بسنة وعن السدي قبل مهاجرته بستة عشر شهرا فعلى قوله يكون الإسراء في شهر ذي القعدة وعلى قول الزهري يكون في ربيع الأول وقيل كان الإسراء ليلة السابع والعشرين من رجب وقد اختاره الحافظ عبد الغني بن سرو المقدسي في سيرته ومنهم من يزعم أنه كان في أول ليلة جمعة من شهر رجب وهي ليلة الرغائب التي أحدثت فيها الصلاة المشهورة ولا أصل لها ثم قيل كان قبل موت أبي طالب وذكر ابن الجوزي أنه كان بعد موته في سنة اثنتي عشرة للنبوة