فلا يجوز ترك شيء منه .
فإن قيل من اغتسل ولم يتمضمض ولم يستنشق يسمى متطهرا فقد فعل ما أوجبته الآية .
قيل له إنما يكون مطهرا لبعض جسده وعموم الآية يقتضي تطهير الجميع فلا يكون بتطهير البعض فاعلا لموجب عموم اللفظ ألا ترى أن قوله تعالى اقتلوا المشركين عموم في سائرهم وإن كان الاسم قد يتناول ثلاثة منهم كذلك ما وصفنا ولما لم يجز لأحد أن يقتصر من حكم آية قتال المشركين على ثلاثة منهم لأن الاسم يتناولهم إذ كان العموم شاملا للجميع فكذلك قوله تعالى فاطهروا عموم في سائر البدن فلا يجوز الاقتصار على بعضه .
فإن قيل قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا يقتضي جوازه مع تركها لوقوع اسم المغتسل عليه .
قيل له إذا كان قوله فاطهروا يقتضي تطهير داخل الفم والأنف فالواجب علينا استعمال الآيتين على أعمهما حكما وأكثرهما فائدة وغير جائز الاقتصار بهما على أخصهما حكما إذ فيه تخصيص بغير دلالة ألا ترى أن من تمضمض واستنشق يسمى مغتسلا أيضا فليس في ذكره الاغتسال نفي لمقتضى قوله D وإن كنتم جنبا فاطهروا هذا يدل عليه من جهة السنة حديث الحارث بن وجيه عن مالك بن دينار عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص - تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة .
وروى حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي أن رسول الله ص - قال من ترك موضع شعرة من جنابة لم يغسلها فعل بها كذا وكذا من النار قال علي فمن ثم عاديت شعري .
وحدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا أحمد بن النضر بن بحر وأحمد بن عبدالله بن سابور والعمري قالوا حدثنا بركة بن محمد الحلبي قال حدثنا يوسف بن أسلط عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن ابن سيرين عن أبي هريرة أن النبي ص - جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثة فريضة وأما قوله تحت كل شعرة جنابة فبلوا الشعر وانقوا البشرة ففيه الدلالة من وجهين على ما ذكرنا أحدهما أن الأنف فيه شعرة وبشرة والفم فيه بشرة فاقتضى الخبر وجوب غسلها وحديث علي أيضا يوجب غسل داخل الأنف لأن فيه شعرا فإن قيل إن العين قد يكون فيها شعر قيل له هو شاذ نادر والأحكام إنما تتعلق بالأعم الأكثر ولا حكم للشاذ النادر فيها وعلى أنا خصصناه بالإجماع ومع ذلك فإن الكلام في وجه دلالة التخصيص خروج عن المسألة والعموم سالم لنا فيما لم تقم دلالة خصوصه فإن قيل إن