بيعه لأنه ضرب من ضروب الانتفاع ولم يخص النبي ص - شيئا منه وروي عن ابن عمر وأبي سعيد الخدري وأبي موسى الأشعري والحسن في آخرين من السلف جواز الانتفاع به من غير جهة الأكل قال أبوموسى بيعوه ولا تطعموه ولا نعلم أحدا من الفقهاء منع الإنتفاع به من جهة الاستصباح ودبغ الجلود ونحوه ويجوز بيعه عند أصحابنا أيضا ويبين عيبه وحكى عن الشافعي أن بيعه لا يجوز ويجوز الإستصباح به وقد روي في حديث ابن عمر عن النبي ص - إطلاق الإنتفاع من غير تخصيص منه لوجه دون يجوز بيع سائر الأشياء التي يجوز الإنتفاع بها من نحو الحمار والبغل إذ ليس لهذه الأشياء حق في منع البيع وهو مما يجوز الإنتفاع به وهو غير محرم العين فإن قيل يجوز الإنتفاع بأم الولد والمدبر ولا يجوز بيعهما قيل له هذا لا يلزم على ما ذكرنا لأنا قيدنا المعنى بأنه لا حق لما جاز الإنتفاع به من ذلك في منع بيعه فلم يمنع تحريم أكله جواز بيعه من حيث جاز الإنتفاع به من غير جهة الأكل ولا حق له في منع البيع وأما المدبر وأم الولد فإنه قد ثبت لهما حق العتاق وفي جواز بيعهما إبطال لحقهما فلذلك منع بيعهما مع إطلاق سائر وجوه الإنتفاع فيهما وليس هذا عندهم بمنزلة ودك الميتة لأنه محرم العين كلحمها ممنوع الإنتفاع به من سائر الوجوه وليس ما مات فيه الفأرة من المائعات بمحرم العين وإنما هو محرم الأكل لمجاورته الميتة وسائر وجوه المنافع مطلقة فيه سوى الأكل فكان بيعه بمنزلة بيع الحمار والبغل والكلب ونحوه مما يجوز الإنتفاع به ولا يجوز أكله وكذلك الرقيق يجوز بيعهم كسائر منافعهم وقد دل قول النبي ص - في أمره بإلقاء الفأرة وما حولها في الجامد منه على معنيين أحدهما أن ما كان نجسا في نفسه فإنه ينجس بالمجاورة لحكمه فيما جاور الفأرة منه بالنجاسة وإن ما ينجس بالمجاورة لا ينجس ما جاوره إذ لم يحكم بنجاسة السمن المجاور للسمن النجس لأنه لو وجب الحكم بذلك لوجب الحكم بتنجيس سائر سمن الإناء بمجاورة كل جزء منه لغيره فهذا أصل قد ثبت بالسنة وكل ذلك يدل على اختلاف مراتب النجاسة في التغليظ والتخفيف وأنها ليست متساوية المنازل فجاز من أجل ذلك أن يعتبر في بعضها أكثر من قدر الدرهم وفي بعضها الكثير الفاحش على حسب قيام دلالة التخفيف والتغليظ والله أعلم بالصواب