سقوط اعتباره إذ كان في اعتباره ما يؤديه إلى إسقاطه وقد اختلف أبو يوسف ومحمد فيمن أوصى بثلث ماله للفقراء فقال أبو يوسف يجزيهم وضعه في فقير واحد وقال محمد لا يجزي إلا في اثنين فصاعدا شبهه أبو يوسف بالصدقات وهو أقيس واختلف في موضع أداء الزكاة فقال أصحابنا أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد تقسم صدقة كل بلد في فقرائه ولا يخرجها إلى غيره وإن أخرجها إلى غيره فأعطاها الفقراء جاز ويكره وروى علي الرازي عن أبي سليمان عن ابن المبارك عن أبي حنيفة قال لا بأس بأن يبعث الزكاة من بلد إلى بلد آخر إلى ذي قرابته قال أبو سليمان فحدثت به محمد بن الحسن فقال هذا حسن وليس لنا في هذا سماع عن أبي حنيفة قال أبو سليمان فكتبه محمد بن الحسن عن ابن المبارك عن أبي حنيفة وذكر الطحاوي عن ابن أبي عمران قال أخبرنا أصحابنا عن محمد بن الحسن عن أبي سليمان عن عبدالله بن المبارك عن أبي حنيفة قال لا يخرج الرجل زكاته من مدينة إلى مدينة إلا لذي قرابته وقال أبو حنيفة في زكاة الفطر يؤديها حيث هو وعن أولاده الصغار حيث هم وزكاة المال حيث المال وقال مالك لا تنقل صدقة المال من بلد إلى بلد إلا أن تفضل فتنقل إلى أقرب البلدان إليهم قال ولو أن رجلا من أهل مصر حلت زكاته عليه وماله بمصر وهو بالمدينة فإنه يقسم زكاته بالمدينة ويؤدي صدقة الفطر حيث هو وقال الثوري لا تنقل من بلد إلى بلد إلا أن لا يجد من يعطيه وكره الحسن بن صالح نقلها من بلد إلى بلد وقال الليث فيمن وجبت عليه زكاة ماله وهو ببلد غير بلده أنه إن كانت رجعته إلى بلده قريبة فإنه يؤخر ذلك حتى يقدم بلده فيخرجها ولو أداها حيث هو رجوت أن تجزي وإن كانت غيبته طويلة وأراد المقام بها فإنه يؤدي زكاته حيث هو وقال الشافعي إن أخرجها إلى غير بلده لم يبن لي أن عليه الإعادة قال أبو بكر ظاهر قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين يقتضي جواز إعطائها في غير البلد الذي فيه المال وفي أي موضع شاء ولذلك قال أصحابنا أي موضع أدى فيه أجزأه ويدل عليه أنا لم نر في الأصول صدقة مخصوصة بموضع حتى لا يجوز أداؤها في غيره ألا ترى أن كفارات الأيمان والنذور وسائر الصدقات لا يختص جوازها بأدائها في مكان دون غيره وروي عن طاوس أن معاذا قال لأهل اليمن ائتوني بخميس أو لبيس آخذه منكم في الصدقة مكان الذرة والشعير فإنه أيسر عليكم وخير لمن بالمدينة من المهاجرين والأنصار فهذا يدل على أنه كان ينقلها من اليمن