الذين لا يملكون بما ذكرنا من الدليل وأيضا فإن العبد لا يستغني بالمال عند مخالفنا لأن المولى أولى بجميع ماله منه فأي غنى في مال يحصل له وغيره أولى به منه فالغنى في هذا الموضع إنما يحصل للمولى دون العبد والدليل على أن العبد لا يكون غنيا بالمال قول النبي ص - أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم وأردها في فقرائكم وعند مخالفنا إنه لا يؤخذ من العبد فلو كان غنيا لوجب في ماله الزكاة إذ هو مسلم غني من أهل التكليف فإن قيل لما كان العبد يملك الطلاق وجب أن يملك المال كالحر قيل له إنما ملك العبد الطلاق لأن المولى لا يملكه منه فلو ملك العبد المال وجب أن لا يملك المولى منه وأن لا يجوز له أخذه منه لأن كل ما يملكه المولى من عبده فإن العبد لا يملكه منه ألا ترى أن العبد المحجور عليه لو أقر بدين لم يلزمه في الرق ولو أقر المولى عليه به لزمه وكذلك للمولى أن يزوج عبده وليس للعبد أن يزوج نفسه لما كان ذلك معنى يملكه المولى منه ولو أقر المولى عليه بقصاص أو حد لم يلزمه لأن العبد يملك ذلك من نفسه وفي ذلك دليل على أن العبد لا يملك إذ لو ملكه لما جاز للمولى أن يتصرف عليه في ماله كما لا يتصرف عليه في الطلاق حين كان العبد يملكه قوله تعالى ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين فيه الدلالة على جواز الانتفاع بما يؤخذ منها من ذلك بعد الموت إذ لم يفرق بين أخذها بعد الموت وقبله قوله تعالى ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء يعني به والله أعلم تبيان كل شيء من أمور الدين بالنص والدلالة فما من حادثة جليلة ولا دقيقة إلا ولله فيها حكم قد بينه في الكتاب نصا أو دليلا فما بينه النبي ص - فإنما صدر عن الكتاب بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا وقوله تعالى وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله وقوله من يطع الرسول فقد أطاع الله فما بينه الرسول فهو عن الله D وهو من تبيان الكتاب له لأمر الله إيانا بطاعته واتباع أمره وما حصل عليه الإجماع فمصدره أيضا عن الكتاب لأن الكتاب قد دل على صحة حجة الإجماع وإنهم لا يجتمعون على ضلال وما أوجبه القياس واجتهاد الرأي وسائر ضروب الإستدلال من الإستحسان وقبول خبر الواحد جميع ذلك من تبيان الكتاب لأنه قد دل على ذلك أجمع فما من حكم من أحكام الدين إلا وفي الكتاب تبيانه من الوجوه التي ذكرنا وهذه الآية دالة على صحة القول بالقياس وذلك لأنا إذا لم نجد للحادثة حكما