القرآن إلا بتوقيف يوجب العلم ومن جهة أخرى أنه لا مدخل للقياس في إثبات اللعان إذ كان اللعان حدا على ما روينا عن النبي ص - ولا سبيل إلى إثبات الحدود من طريق المقاييس وإنما طريقها التوقيف أو الاتفاق وأيضا لم يختلفوا أنه لو قذفها بغير ولد أن عليه الحد ولا لعان فثبت أنه غير داخل في الآية ولا مراد إذ ليس في الآية نفي الولد وإنما فيها ذكر القذف ونفي الولد مأخوذ من السنة ولم ترد السنة بإيجاب اللعان لنفي الولد البينونة فإن قيل إنما يلاعن بينهما لنفي الولد لأن ذلك حق للزوج ولا ينتفي منه إلا باللعان قياسا على حال بقاء الزوجية قيل له هذا استعمال القياس في نسخ حكم الآية وهو قوله والذين يرمون المحصنات فلا يجوز نسخ الآية بالقياس وأيضا لو جاز إيجاب اللعان لنفي الولد مع ارتفاع الزوجية لجاز إيجابه لزوال الحد عن الزوج بعد ارتفاع الزوجية فلما كان لو قذفها بغير ولد حد ولم يجب اللعان ليزول الحد لعدم الزوجية كذلك لا يجب اللعان لنفي الولد مع ارتفاع الزوجية فإن قيل قال الله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء وقال وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فحكم تعالى بطلاق النساء ولم يمنع ذلك عندك من طلاقها بعد البينونة ما دامت في العدة فما أنكرت مثله في اللعان قيل له هذا سؤال ساقط من وجوه أحدها أن الله تعالى حين حكم بوقوع الطلاق على نساء المطلق لم ينف بذلك وقوعه على من ليست من نسائه بل ما عدا نسائه فحكمه موقوف على الدليل في وقوع طلاقه أو نفيه وقد قامت الدلالة على وقوعه في العدة وأما اللعان فإنه مخصوص بالزوجات ولأن من عدا الزوجات فالواجب فيهن الحد بقوله والذين يرمون المحصنات فكان موجب هذه الآية نافيا للعان ومن أوجبه وأسقط حكم الآية فقد نسخها بغير توقيف وذلك باطل ولذلك نفيناه إلا مع بقاء الوجية وأيضا فإن الله تعالى من حيث حكم بطلاق النساء فقد حكم بطلاقهن بعد البينونة بقوله فلا جناح عليهما فيما افتدت به ثم عطف عليه قوله فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فحكم بوقوع الطلاق بعد الفدية لأن الفاء للتعقيب وليس معك آية ولا سنة في إيجاب اللعان بعد البينونة وأيضا فجائز إثبات الطلاق من طريق المقاييس بعد البينونة ولا يجوز إثبات اللعان بعد البينونة من طريق القياس لأنه حد لا مدخل للقياس في إثباته وأيضا فإن اللعان يوجب البينونة ولا يصح إثباتها بعد وقوع البينونة فلا معنى لإيجاب لعان