قال رد النبي ص - ابنته زينب على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول بعد ست سنين وقد كانت زينب هاجرت إلى المدينة وبقي زوجها بمكة مشركا ثم ردها عليه بالنكاح الأول وهذا يدل على أنه لا تأثير لاختلاف الدارين في إيقاع الفرقة فيقال لا يصح الاحتجاج به للمخالف من وجوه أحدها أنه قال ردها بعد ست سنين بالنكاح الأول لأنه لا خلاف بين الفقهاء أنها لا ترد إليه بالعقد الأول بعد انقضاء ثلاث حيض ومعلوم أنه ليس في العادة أنها لا تحيض ثلاث في ست سنين فسقط احتجاج المخالف به من هذا الوجه ووجه آخر وهو ما روى خالد عن عكرمة عن ابن عباس في اليهودية تسلم قبل زوجها أنها أملك لنفسها فكان من مذهبه أن الفرقة قد وقعت بإسلامها وغير جائز أن يخالف النبي ص - فيما قد رواه عنه والوجه الثالث أن عمرو بن شعيب روى عن أبيه عن جده أن النبي ص - رد ابنته زينب على ابن العاص بنكاح ثان فهذا يعارض حديث داود بن الحصين وهو مع ذلك أولى لأن حديث ابن عباس إن صح فإنما هو إخبار عن كونها زوجة له بعدما أسلم ولم يعلم حدوث عقد ثان وفي حديث عمرو بن شعيب الإخبار عن حدوث عقد ثان بعد إسلامه فهو أولى لأن الأول إخبار عن ظاهر الحال والثاني إخبار عن معنى حادث قد علمه وهذ مثل ما نقوله في رواية ابن عباس أن النبي ص - تزوج ميمونة وهو محرم وحديث يزيد بن الأصم أنه تزوجها وهو حلال فقلنا حديث ابن عباس أولى لأنه أخبر عن حال حادثة وأخبر الآخر عن ظاهر الأمر الأول وحديث زوج بريرة أنه كان حرا حين أعتقت ورواية من روى أنه كان عبدا فكان الأول أولى لإخباره عن حال حادثة علمها وأخبر الآخر عن ظاهر الأمر الأول ولم يعلم حدوث حال أخرى .
فصل وإنما قال أبو حنيفة في المهاجرة إنه لا عدة عليها من الزوج الحربي لقوله تعالى ولا جناح عليكم أن تنكحوهن فاباح نكاحها من غير ذكر عدة وقال في نسق التلاوة ولا تمسكوا بعصم الكوافر والعصمة المنع فحظر الامتناع من نكاحها لأجل زوجها الحربي والكوافر يجوز أن يتناول الرجال وظاهره في هذا الموضع الرجال لأنه في ذكر المهاجرات وأيضا أباح النبي ص - وطء المسبية بعد الاستبراء ليس بعدة لأن النبي ص - قال عدة الأمة حيضتان والمعنى فيها وقوع الفرقة باختلاف الدارين وقوله تعالى واسئلوا ما أنفقتم وليسئلوا ما أنفقوا قال معمر عن الزهري يعني رد الصداق واسئلوا أهل