به نسخ الكتاب ولو سلمنا احتمال الآية لما ادعوه من تأويلها في جواز أخذ المال من غير رضى القاتل في قوله فمن عفي له من أخيه شيء مع احتماله للوجوه التي ذكرنا كان أكبر أحواله أن يكون اللفظ مشتركا محتملا للمعاني فيوجب ذلك أن يكون متشابها ومعلوم أن قوله تعالى كتب عليكم القصاص محكم ظاهر المعنى بين المراد لا اشتراك في لفظه ولا احتمال في تأويله وحكم المتشابه أن يحمل على معنى المحكم ويرد إليه بقوله تعالى منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات إلى قوله وابتغاء تأويله فأمر الله تعالى برد المتشابه إلى المحكم لأن وصفه للمحكم بأنه أم الكتاب يقتضي أن يكون غيره محمولا عليه ومعناه معطوفا عليه إذ كان أم الشيء ما منه ابتداؤه وإليه مرجعه ثم ذم من اتبع المتشابه واكتفى بما احتمله اللفظ من تأويله من غير رد له إلى المحكم وحمله على موافقته في معناه وحكم عليهم بالزيغ في قلوبهم بقوله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وإذا ثبت أن قوله كتب عليكم القصاص محكم وقوله فمن عفي له من أخيه شيء متشابه وجب حمل معناه على معنى المحكم من غير مخالفة له ولا إزالة لشيء من حكمه وهو أن يكون على أحد الوجوه التي ذكرنا مما لا ينفي موجب لفظ الآية من القصاص من غير معنى آخر يضم إليه ولا عدول عنه إلى غيره وكذلك قوله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم إذ كانت النفس مثلا فيما يستحقه الولي وهو القود فإذا كان المثل هو القود وإتلاف نفسه كما أتلف كان بمنزلة متلف المال الذي له مثل ولا يعدل عنه إلى غيره إلا بالتراضي لقوله تعالى بمثل ما اعتدى عليكم وبدلالة الأصول عليه واحتج من أوجب للولي الخيار بين القود وأخذ المال من غير رضى القاتل بأخبار منها حديث يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله ص - حين فتح مكة من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يودى وحديث يحيى بن سعيد عن أبي ذيب قال حدثني سعيد المقبري قال سمعت أبا شريح الكعبي يقول قال النبي ص - في خطبته يوم فتح مكة ألا إنكم معشر خزاعة قتلتم هذا القتيل من هذيل وإني عاقله فمن قتل له بعد مقالتي هذه قتيل فأهله بين خيرتين بين أن يأخذوا العقل وبين أن يقتلوا ورواه محمد بن إسحق عن الحرث بن فضيل عن سفيان عن أبي العرجاء عن أبي شريح الخزاعي قال قال رسول الله