يكون مراده وقوع الفعل لأن الفعل حاصل موجود مع وجود النية وعدمها والنية هي التي تصرف أحكامه على حسب مقتضاها وموجبها من استحقاق ثواب الفرض أو الفضيلة أو الحمد أو الذم إن كانت النية تقتضي حمده أو ذمه وإذا كان ذلك كذلك فليس يخلو القول فيها من أحد معنيين إما أن يسقط اعتبار حكم اللفظ في دلالته على جواز الصوم أو بطلانه ووجب طلب الدلالة عليه من غيره أو أن يستعمل حكمه فيما يقتضيه مضمونه من إفادة ما يتعلق به من ثواب أو حمد أو ذم فإذا وجب استعماله على ذلك وقد توجهت نيته إلى ضرب من القرب فواجب أن يحصل له ذلك ثم أقل أحواله في ذلك إن لم يكن ثوابه مثل ثواب ناوي الفرض أن يكون أنقص منه ونقصان الثواب لا يمنع جوازه عن الفرض والدليل عليه قوله ص - إن الرجل ليصلي الصلاة فيكتب له نصفها ربعها خمسها عشرها فأخبر بنقصان الثواب مع الجواز ويدل على صحة ما ذكرنا من تعلق حكم اللفظ بالثواب والعقاب أو الحمد والذم قوله ص - ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه وزعم الشافعي أن من عليه حجة الإسلام فأحرم ينوي تطوعا أنه يجزيه من حجة الإسلام فأسقط نية التطوع وجعلها للفرض مع قوله إن فرض الحج على المهلة وأنه غير مستحق الفعل في وقت معين وذلك أبعد في الجواز من صوم رمضان لأن صوم رمضان مستحق العين في وقت لا يجوز له تقديمه عليه ولا تأخيره عنه فترك ظاهر قوله على أصله الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى ولم يلجأ فيه إلى نظر صحيح يعضد مقالته وكان الواجب على أصلهم اعتبار ما يدعونه ظاهرا من هذا الخبر وأما على أصلنا فقد بينا أن الاحتجاج به ساقط وأوضحنا عن معناه ومقتضاه وأنه يوجب جوازه عن الفرض فسلم لنا ما استدللنا به من الظواهر والنظر ولم يعترض عليه هذا الأثر وأما المسافر إذا صام رمضان عن واجب عليه فإنما أجاز ذلك أبو حنيفة عما نوى لأن فعل الصوم غير مستحق عليه في هذه الحال وهو مخير مع الإمكان من غير ضرر بين فعله وتركه فأشبه سائر أيام غير رمضان فلما كان سائر الأيام جائزا لمن صامه عما نواه فكذلك حكم رمضان للمسافر وعلى هذا ينبغي أنه متى نواه تطوعا أن يكون تطوعا على الرواية التي رويت وهي أقيس