المعتكف فقال أصحابنا لا بأس بها إذا لم تكن بشهوة وأمن على نفسه ولا ينبغي أن يباشرها بشهوة ليلا ولا نهارا فإن فعل فأنزل فسد اعتكافه فإن لم ينزل لم يفسد وقد أساء وقال ابن القاسم عن مالك إذا قبل امرأته فسد اعتكافه وقال المزني عن الشافعي إن باشر فسد اعتكافه وقال في موضع آخر لا يفسد الإعتكاف من الوطىء إلا ما يوجب الحد قال أبو بكر قد بينا أن مراد الآية في المباشرة هو الوطئ دون المباشرة باليد والقبلة وكذلك قال أبو يوسف أن قوله ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد إنما هو على الجماع وروي عن الحسن البصري قال المباشرة النكاح وقال ابن عباس إذا جامع المعتكف فسد اعتكافه وقال الضحاك كانوا يجامعون وهم معتكفون حتى نزل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وقال قتادة كان الناس إذا اعتكفوا خرج الرجل منهم فباشر أهله ثم رجع إلى المسجد فنهاهم الله عن ذلك بقوله ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد وهذا من قولهم يدل على أنهم عقلوا من مراد الآية الجماع دون اللمس والمباشرة باليد ويدل على أن المباشرة لغير شهوة مباحة للمعتكف حديث الزهري عن عروة عن عائشة أنها كانت ترجل رأس رسول الله ص - وهو معتكف فكانت لا محالة تمس بدن رسول الله ص - بيدها فدل على أن المباشرة لغير شهوة غير محظورة على المعتكف وأيضا لما ثبت أن الاعتكاف بمعنى الصوم في باب حظر الجماع ولم يكن الصوم مانعا من المباشرة أو القبلة لغير شهوة إذا أمن على نفسه وروي ذلك عن النبي ص - في آثار مستفيضة وجب أن لا يمنع الاعتكاف القبلة لغير شهوة ولما كانت المباشرة والقبلة لشهوة محظورتين في الصوم وجب أن يكون ذلك حكمهما في الاعتكاف ولما كانت المباشرة في الصوم إذا حدث عنها إنزال فسد الصوم وجب أن يفسد الاعتكاف لأن الإعتكاف والصوم قد جريا مجرى واحدا في اختصاصهما بحظر الجماع دون دواعيه من الطيب ودون اللباس فإن قيل المحرم إذا قبل بشهوة لزمه دم وإن لم ينزل فهلا أفسدت اعتكاف بمثله قيل له ليس الإحرام بأصل للاعتكاف ألا ترى أنه ممنوع في الإحرام من الجماع ودواعيه من الطيب ومحظور عليه اللبس والصيد وإزالة التفث عن نفسه وليس يحظر ذلك عليه الاعتكاف فثبت بذلك ان الإحرام ليس بأصل للاعتكاف وأن الإحرام أكر حرمة فيما يتعلق به من الأحكام فلما كان المحرم ممنوعا من الاستمتاع