علمنا وقوع الاسم عليهما ومن جهة أخرى أن هذا الاختلاف قد كان شائعا بينهم مستفيضا ولم ينكر واحد منهم على مخالفيه في مقالته بل سوغ له القول فيه فدل ذلك على احتمال اللفظ المعنيين وتسويغ الاجتهاد فيه ثم لا يخلو من أن يكون الاسم حقيقة فيهما أو مجازا فيهما أو حقيقة في أحدهما مجازا في الآخر فوجدنا أهل اللغة مختلفين في معنى القرء في أصل اللغة فقال قائلون منهم هو اسم للوقت حدثنا بذلك أو عمر وغلام ثعلب عن ثعلب أنه كان إذا سئل عن معنى القرء لم يزدهم على الوقت وقد استشهد لذلك بقول الشاعر ... يا رب مولى حاسد مباغض ... على ذي ضغن وضب فارض ... له قروء كقروء الحائض ... .
يعني وقتا تهيج فيه عداوته وعلى هذا تألوا قول الأعشى ... وفي كان عام أنت جاشم غزوة ... تشد لأقصاها عزيم عزائكا ... مورثة ما لا وفي الحي رفعة ... لما ضاع فيها من قروء نسائكا ... .
يعني وقت وطئهن ومن ا لناس من يتأوله على الطهر نفسه كأنه قال لما ضاع فيها من طهر نسائك وقال الشاعر ... كرهت العقر عقر بني شليل ... إذا هبت لقارئها الرياح ... .
يعني لوقتها في الشتاء وقال آخرون هم الضم والتأليف ومنه قوله ... تريك إذا دخلت على خلاء ... وقد أمنت عيون الكاشحينا ... ذراعي عطيل أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنينا ... .
يعني لم تضم في بطنها جنينا ومنه قولهم قريت الماء في الحوض إذا جمعته وقروت الأرض إذا جمعت شيئا إلى شيء وسيرا إلى سير ويقولون ما قرأت الناقة سلى قط أي ما اجتمع رحمها على ولد قط ومنه أقرأت النجوم إذا اجتمعت في الأفق ويقال أقرأت المرأة إذا حاضت فهي مقرىء ذكره الأصمعي والكسائي والفراء وحكى عن بعضهم أنه قال هو الخروج من شيء إلى شيء وهذا قول ليس عليه شاهد من الل غة ولا هو ثابت عمن يوثق به من أهلها وليس فيما ذكرنا من الشواهد ما يليق بهذا المعنى فهو ساقط مردود ثم يقول وإن كانت حقيقته الوقت فالحيض أولى به لأن الوقت إنما يكون وقتا لما يحدث فيه والحيض هو الحادث وليس الطهر شيئا أكثر من عدم الحيض وليس هو شيء حادث