لا أرى ابن عمر وقال ذلك إلا عن رسول الله ص - والمذكور في هذه الآية إنما هو الخوف دون القتال فإذا خاف وقد حصره العدو جازله فعلها كذلك ولما أباح له فعلها راكبا لأجل الخوف لم يفرق بين مستقبل القبلة من الركبان وبين من ترك استقبالها تضمنت الدلالة على جواز فعلها من غير استقبالها لأن الله تعالى أمر بفعلها على كل حال ولم يفرق بين من أمكنه استقبالها وبين من لم يمكنه فدل على أن من لا يمكنه استقبالها فجائز له فعلها على الحال التي يقدر عليها ويدل من جهة أخرى على ذلك وهو أن القيام والركوع والسجود من فروض الصلاة وقد أباح تركها حين أمره بفعلها راكبا فترك القبلة أحرى بالجواز إذا كان فعل الركوع والسجود آكد من القبلة فإذا جاز الركوع والسجود فترك القبلة أحرى بالجواز فإن قيل على ما ذكرناه من أن الله لم يبح ترك الصلاة في حال الخوف وأمر بها على الحال التي يمكن فعلها قد كان النبي ص - ترك أربع صلوات يوم الخندق حتى كان هوى الليل ثم قضاهن على الترتيب وفي ذلك دليل على جواز ترك الصلاة في حال الخوف قيل له إن الذي اقتضته هذه الآية الأمر بالصلاة في حال الخوف بعد تقديم تأكيد فروضها لأنه عطف على قوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى ثم زادها تأكيدا بقوله تعالى وقوموا لله قانتين فأمر فيها بالدوام على الخشوع والسكون والقيام وحظر فيها التنقل من حال إلا إلى حال هي الصلاة من الركوع والسجود ولو اقتصر على ذلك لكان جائزا أن يظن ظان أن شرط جواز الصلاة فعلها على هذه الأوصاف فبين حكم هذه الصلوات المكتوبات في حال الخوف فقال تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فأمر بفعلها في هذه الحال ولم يعذر أحدا من المكلفين في تركها ولم يذكر حال القتال إذ ليس جميع أحوال الخوف هي أحوال القتال لأن حضور العدو يوجب الخوف وإن لم يكن قتال قائم فإنما أمر بفعلها في هذه الحال ولم يذكر حال القتال والنبي ص - إنما لم يصل يوم الخندق لأنه كان مشغولا بالقتال والاشتغال بالقتال يمنع الصلاة ولذلك قال ص - ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى وكذلك يقول أصحابنا أن الاشتغال بالقتال يفسدها فإن قيل ما أنكرت من أن يكون النبي ص - إنما لم يصل يوم الخندق لأنه لم يكن نزلت صلاة الخوف قيل له قد ذكر محمد بن إسحاق والواقدي جميعا أن غزوة ذات الرقاع كانت قبل الخندق وقد صلى النبي