الكتاب الذين يقرون على الجزية دون مشركي العرب لأنهم لا يقرون على الجزية ولا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف وقيل إنها نزلت في بعض أبناء الأنصار كانوا يهودا فأراد آباؤهم إكراههم على الإسلام وروى ذلك عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقيل فيه أي لا تقولوا لمن أسلم بعد حرب أنه أسلم مكرها لأنه إذا رضي وصح إسلامه فليس بمكره قال أبو بكر لا إكراه في الدين أمر في صورة الخبر وجائز نزول ذلك قبل الأمر بقتال المشركين فكان في سائر الكفار كقوله تعالى إدفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وكقوله تعالى إدفع بالتي هي أحسن السيئة وقوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن وقوله تعالى وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما فكان القتال محظورا في أول الإسلام إلى أن قامت عليهم الحجة بصحة نبوة النبي ص - فلما عاندوه بعد البيان أمر المسلمون بقتالهم فنسخ ذلك عن مشركي العرب بقوله تعالى اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وسائر الآي الموجبة لقتال أهل الشرك وبقي حكمه على أهل الكتاب إذا أذعنوا بأداء الجزية ودخلوا في حكم أهل الإسلام وفي ذمتهم ويدل على ذلك أن النبي ص - لم يقبل من المشركي العرب إلا الإسلام أو السيف وجائز أن يكون حكم هذه الآية ثابتا في الحال على أهل الكفر لأنه ما من مشرك إلا وهو لو تهود أو تنصر لم يجبر على الإسلام وأقررناه على دينه بالجزية وإذا كان ذلك حكما ثابتا في سائر من انتحل دين أهل الكتاب ففيه دلالة على بطلان قول الشافعي حين قال من تهود من المجوس أو النصارى أجبرته على الرجوع إلى دينه أو إلى الإسلام والآية دالة على بطلان هذا القول لأن فيها الأمر بأن لا نكره أحدا على الدين وذلك عموم يمكن استعماله في جميع الكفار على الوجه الذي ذكرنا فإن قال قائل فمشركو العرب الذين أمر النبي ص - بقتالهم وأن لا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف قد كانوا مكرهين على الدين ومعلوم أن من دخل في الدين مكرها فليس بمسلم فما وجه إكراههم عليه قيل له إنما أ كرهوا على إظهار الإسلام لا على المتقاده لأن الاعتقاد لا يصح منا الإكراه عليه ولذلك قال النبي ص - أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم اموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فأخبر ص - أن القتال إنما كان على إظهار الإسلام وأما الاعتقادات فكانت موكولة إلى الله تعالى ولم يقتصر بهم النبي ص - على القتال