الشهادة ويدل عليه أيضا قوله تعالى إلا من شهد بالحق وهم يعلمون فإذا لم يذكرها فهو غير عالم بها وقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم يدل على ذلك ويدل عليه حديث ابن عباس عن النبي ص - أنه قال إذا رأيت مثل الشمس فاشهد وإلا فدع وقد تقدم ذكر سنده وأما الخط فقد يزور عليه وقد يشتبه على الشاهد فيظن أنه خطه وليس بخطه ولما كانت الشهادة من مشاهدة الشيء وحقيقة العلم به فمن لا يذكر الشهادة فهو بخلاف هذه الصفة فلا تجوز له إقامة الشهادة به وقد أكد أمر الشهادة حتى صار لا يقبل فيها إلا صريح لفظها ولا يقبل ما يقوم مقامها من الألفاظ فكيف يجوز العمل على الخط الذي يجوز عليه التزوير والتبديل وقد روي عن أبي معاوية النخعي عن الشعبي فيمن عرف الخط والخاتم ولا يذكر الشهادة أنه لا يشهد به حتى يذكرها وقوله تعالى أن تضل إحداهما معناه أن ينساها لأن الضلال هو الذهاب عن الشيء فلما كان الناسي ذاهبا عما نسيه جاز أن يقال ضل عنه بمعنى أنه نسيه وقد يقال أيضا ضلت عنه الشهادة وضل عنها والمعنى واحد والله تعالى أعلم .
باب الشاهد واليمين .
اختلف الفقهاء في الحكم بشاهد واحد مع يمين الطالب فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وابن شبرمة لا يحكم إلا بشاهدين ولا يقبل شاهد ويمين في شيء وقال مالك والشافعي يحكم به في الأموال خاصة قال أبو بكر قوله تعالى واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء يوجب بطلان القول بالشاهد واليمين وذلك لأن قوله واستشهدوا يتضمن الإشهاد على عقود المداينات التي ابتدأ في الخطاب بذكرها ويتضمن إقامتها عند الحاكم ولزوم الحاكم الأخذ بها لاحتمال اللفظ للحالين ولأن الإشهاد على العقد إنما الغرض فيه إثباته عند التجاحد فقد تضمن لا محالة استشهاد الشاهدين أو الرجل والمرأتين على العقد عند الحاكم وإلزامه الحكم به وإذا كان كذلك فظاهر اللفظ يقتضي الإيجاب لأنه أمر وأوامر الله على الوجوب فقد ألزم الله الحاكم الحكم بالعدد المذكور كقوله تعالى فاجلدوهم ثمانين جلدة وقوله تعالى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولم يجز الاقتصار على ما دون العدد المذكور كذلك العدد المذكور للشهادة غير جائز الاقتصار فيه على ما دونه وفي تجويز أقل منه