تعالى فآتوهن أجورهن فريضة معناه المهور فسمى المهر أجرا لأنه بدل منافع البضع ويدل على أن المراد المهر أنه ذكره لمن كان محصنا بالنكاح في قوله وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين وكقوله تعالى فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات فذكر الإحصان عقيب ذكرالنكاح وسمى المهر أجرا وقوله فريضة تأكيد لوجوبه وإسقاط للظن وتوهم التأويل فيه إذ كان الفرض ما هو في أعلى مراتب الإيجاب والله أعلم بالصواب .
باب الزيادة في المهور .
قال الله تعالى بعد ذكر المهر ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة والفريضة هي التسمية والتقدير كفرائض المواريث والصدقات وقد بينا ذلك فيما سلف وروي عن الحسن في قوله تعالى ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة أنه ما تراضيتم به من حط بعض الصداق أو تأخيره أو هبة جميعه وفي هذه الآية دلالة على جواز الزيادة في المهر لقوله تعالى فيما تراضيتم به من بعد الفريضة وهو عموم في الزيادة والنقصان والتأخير والإبراء وهو بالزيادة أخص منه بغيرها لأنه علقه بتراضيهما والبراءة والحط والتأخير لا يحتاج في وقوعه إلى رضى الرجل والزيادة لا تصح إلا بقبولهما فلما علق ذلك بتراضيهما جميعا دل على أن المراد الزيادة ولا يجوز الاقتصار به على البراءة والحط والتأجيل لأن عموم اللفظ يقتضي جواز الجميع فلا يخص بغير دلالة ولأن الاقتصار به على ما ذكرت يسقط فائدة ذكر تراضيهما جميعا وإضافة ذلك إليهما وغير جائز إسقاط حكم اللفظ والاقتصار به على ما يجعل وجوده وعدمه سواء وقد اختلف الفقهاء في الزيادة في المهر فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد الزيادة في الصداق بعد النكاح جائزة وهي ثابتة إن دخل بها أو مات عنها وإن طلقها قبل الدخول بطلت الزيادة وكان لها نصف المسمى في العقد وقال زفر بن الهزيل والشافعي الزيادة بمنزلة هبة مستقبلة إذا قبضتها جازت في قولهما جميعا وإن لم تقبضها بطلت وقال مالك بن أنس تصح الزيادة فإن طلقها قبل الدخول رجع نصف ما زادها إليه وهي بمنزلة مال وهبه لها يقوم به عليه وإن مات عنها قبل أن تقبض فلا شيء لها منه لأنها عطية لم تقبض قال ابو بكر قد ذكرنا وجه دلالة الآية على جواز الزيادة ومما يدل على جواز الزيادة