يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا التخفيف هو تسهيل التكليف وهو خلاف التثقيل وهو نظير قوله تعالى ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم وقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وقوله تعالى وما جعل عليكم في الدين من حرج وقوله تعالى ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم فنفى الضيق والثقل والحرج عنا في الآيات ونظيره قول النبي ص - جئتكم بالحنيفة السمحة وذلك لأنه وإن حرم علينا ما ذكرنا تحريمه من النساء فقد أباح لنا غيرهن من سائر النساء تارة بنكاح وتارة بملك يمين وكذلك سائر المحرمات قد أباح لنا من جنسها أضعاف ما حظر فجعل لنا مندوحة عن الحرام بما أباح من الحلال وعلى هذا المعنى ما روي عن عبدالله بن مسعود إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم يعني أنه لم يقتصر بالشفاء على المحرمات بل جعل لنا مندوحة وغنى عن المحرمات بما أباحه لنا من الأغذية والأدوية حتى لا يضرنا فقد ما حرم في أمور دنيانا وقد روي عن النبي ص - أنه ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما .
وهذه الآيات يحتج بها في المصير إلى التخفيف فيما اختلف فيه الفقهاء وسوغوا فيه الاجتهاد وفيه الدلالة على بطلان مذهب المجبرة في قولهم إن الله يكلف العباد مالا يطيقون لأخباره بأنه يريد التخفيف عنا وتكليف مالا يطاق غاية التثقيل والله أعلم بمعاني كتابه .
باب التجارات وخيار البيع .
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم قال أبو بكر قد انتظم هذا العموم النهي عن أكل مال الغير ومال نفسه كقوله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم قد اقتضى النهي عن قتل غيره وقتل نفسه فكذلك قوله تعالى لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل نهي لكل أحد عن أكل مال نفسه ومال غيره بالباطل وأكل مال نفسه بالباطل إنفاقه في معاصي الله وأكل مال الغير بالباطل قد قيل فيه وجهان أحدهما ما قال السدي وهو أن يأكل بالربا والقمار والبخس والظلم وقال ابن عباس والحسن أن يأكله بغير عوض فلما نزلت هذه الآية كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد من الناس إلى أن نسخ ذلك بالآية التي في النور ليس على الأعمى حرج إلى قوله تعالى ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم الآية قال أبو