السلف وفقهاء الأمصار في المقتول في الحرم والشهر الحرام فقال أبو حنيفة ومحمد وزفر وابن أبي ليلى ومالك القتل في الحرم والشهر الحرام كهو في غيره فيما يجب من الدية والقود وسئل الأوزاعي عن القتل في الشهر الحرام والحرم هل تغلظ الدية فيه بلغنا أنه إذا قتل في الحرم أو الشهر الحرام زيد العقل ثلثه ويزاد في شبه العمد في أسنان الإبل وذكر المزني عن الشافعي في مختصره وذكر تغليظ الدية في شبه العمد وقال الدية في هذا على العاقلة وكذلك الجراح وكذلك التغليظ في النفس والجراح في الشهر الحرام والبلد الحرام وذوي الرحم وروي عن عثمان أنه قضى في دية امرأة قتلت بمكة بدية وثلث وروى إبراهيم عن الأسود أن رجلا أصيب عند البيت فسأل عمر عليا فقال له على ديته من بيت المال فلم ير فيه على أكثر من الدية ولم يخالفه عمر وقال الله تعالى ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله وهو عام في الحل والحرم ولما كانت الكفارة في الحرم كهي في الحل لا فرق بينهما وإن كان ذلك كله حقا لله تعالى وجب أن تكون الدية كذلك إذ الدية حق لآدمي ولا تعلق لها بالحرم ولا بالشهر الحرام لأن حرمة الحرم والشهر الحرام إنما هي حق لله تعالى فلو كان لحرمة الحرم والأشهر تأثير في إلزام الغرم لكان تأثيره في الكفارة التي هي حق لله تعالى أولى ويدل عليه قول النبي ص - ألا إن قتيل الخطأ العمد قتيل السوط والعصا فيه مائة من الإبل ولم يفرق بين الحل والحرم وقد اختلف التابعون في ذلك فروي عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبدالرحمن وخارجة بن زيد وعبيدالله بن عبدالله وسليمان بن يسار الدية في الحرم كهي في غيره وكذلك الشهر الحرام وروي عن القاسم بن محمد وسالم بن عبدالله أن من قتل في الحرم زيد على ذلك ديته مثل ثلثها والله أعلم .
باب الدية من غير الإبل .
قال أبو حنيفة الدية من الإبل والدراهم والدنانير فمن الدراهم عشرة آلاف درهم ومن الدنانير ألف دينار وأبو حنيفة لا يرى الدية إلا من الإبل والورق والذهب وقال مالك والشافعي من الورق اثنا عشر ألفا ومن الذهب ألف دينار وقال مالك أهل الذهب أهل الشام ومصر وأهل الورق أهل العراق وأهل الإبل أهل البوادي وقال مالك ولا يقبل من أهل الإبل إلا الإبل ومن أهل الذهب إلا الذهب ومن أهل الورق إلا الورق وقال