فصل في نفي السجع من القرآن .
ذهب أصحابنا كلهم إلى نفي السجع من القرآن وذكره الشيخ أبو الحسن الأشعري Bه في غير موضع من كتبه .
وذهب كثير ممن يخالفهم إلى إثبات السجع في القرآن وزعموا أن ذلك مما يبين به فضل الكلام وأنه من الأجناس التي يقع فيها التفاضل في البيان والفصاحة كالتجنيس والالتفات وما أشبه ذلك من الوجوه التي تعرف بها الفصاحة وأقوى ما يستدلون به عليه اتفاق الكل على أن موسى أفضل من هرون عليهما السلام ولمكان السجع قيل في موضع هرون وموسى ولما كانت الفواصل في موضع آخر بالواو والنون قيل موسى وهرون .
قالوا وهذا يفارق أمر الشعر لأنه لا يجوز أن يقع في الخطاب إلا مقصودا إليه وإذا وقع غير مقصود إليه كان دون القدر الذي نسميه شعرا وذلك القدر ما يتفق وجوده من المفحم كما يتفق / وجوده من الشاعر وأما ما في القرآن من السجع فهو كثير لا يصح أن يتفق كله غير مقصود إليه .
ويبنون الأمر في ذلك على تحديد معنى السجع قال أهل اللغة هو موالاة الكلام على وزن واحد وقال ابن دريدسجعت الحمامة معناه رددت صوتها وانشد .
طربت فأبكتك الحمام السواجع ... تميل بها ضحوا غصون نوائع .
النوائع الموائل من قولهم جائع نائع أي متمايل ضعفا .
وهذا الذي يزعمونه غير صحيح ولو كان القرآن سجعا لكان غير خارج عن أساليب كلامهم ولو كان داخلا فيها لم يقع بذلك إعجاز