الفصل التاسع عشر .
في تقسيم لباب القرآن الى نمط الجواهر ونمط الدرر .
والعارفون ينظرون الى العاكفين في حضيض الشهوات نظر العقلاء الى الصبيان عند عكوفهم على لذات اللعب ولذلك تراهم مستوحشين من الخلق ويؤثرون العزلة والخلوة فهي أحب الأشياء اليهم ويهربون من الجاه والمال فإنه يشغلهم عن لذة المناجاة ويعرضون عن الأهل والولد ترفعا عن الاشتغال بهم عن الله تعالى فترى الناس يضحكون منهم فيقولون في حق من يرونه منهم أنه موسوس بل مدبر ظهر عليه مبادىء الجنون وهم يضحكون على الناس لقناعتهم بمتاع الدنيا ويقولون ان تسخروا منا فانا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون .
والعارف مشغول بتهيئة سفينة النجاة لغيره ولنفسه لعلمه بخطر المعاد فيضحك على أهل الغفلة ضحك العاقل على الصبيان اذا اشتغلوا باللعب والصولجان وقد أضل على البلد سلطان قاهر يريد أن يغير على البلد فيقتل بعضهم ويخلع بعضهم والعجب منك أيها المسكين المشغول بجاهك الخطير المنغص ومالك اليسير المشوش قانعا به