وهذا المسلك لا يصفو من شوائب النزاع ويتطرق إليه أنهم كانوا يفعلون ذلك فيما اقترن به اقتضاء الإيجاب وكل مسلك في الكلام تطرق إليه إمكان لم يفض إلى القطع .
137 - فإن قيل قد أبطلتم الوقف ومذهب المعتزلة والفقهاء فما المختار عندكم قلنا قد حان الان أن نبتدىء المسلك الحق في صيغة المباحثة والتقسيم ومبادرة أطراف الكلام بالإسقاط حتى يقرب تعيين المدرك .
ثم إذ ذاك نطبق المفصل ونهجم على مدرك الحق .
فنقول من أنكر أن العرب ما فصلت بين قول القائل افعل وبين قوله لا تفعل فليس من التحقيق على شيء فإنا على اضطرار نعلم الفصل في ذلك كما نعلم الفصل بين قول القائل فعل وبين قوله ما فعل ولا معنى لبسط ذلك مع وضوحه فإذا سقط هذا رددنا النظر إلى الإباحة التي هي تخيير ولا اقتضاء فيها ولا طلب وقلنا لا شك في فصل العرب بين قول من يقول لا حرج عليك فعلت أو تركت وبين قوله افعل فإن الصيغة الأخيرة مقتضاها الطلب لا محالة وليس في الإباحة من معنى الطلب شيء .
فقد لاح سقوط الإباحة عن متضمن الصيغة ولم يبق إلا الندب .
والندب من ضرورة معناه التخيير في الترك وليس في قول القائل افعل تخيير في الترك أصلا .
وقد تعين الان أن نبوح بالحق ونقول افعل طلب محضلا لا مساغ فيه