قال أحمد لبعض أصحابه إياك أن تتكلم بكلمة واحدة ليس لك فيها إمام وقد كان السلف من الصحابة وغيرهم يتدافعون المسائل والفتوى وكل واحد ود أن أخاه كفاه هي ونعلم أنهم لو اجتهدوا لظهر لهم الحق في المسألة لأهليتهم والثالث أنه يجوز ذلك في الفروع دون الأصول لأن الخطر في الأصول عظيم وترك الخوض فيها أسلم والمخطئ في أكثرها فاسق أو كافر بخلاف الفروع في ذلك فإن المخطئ ربما أثيب كالحاكم المخطئ للنص في اجتهاده وكيف لا والحاجة داعية إلى معرفة حكم الواقعة ليقضى فيها المجتهد بما يراه بخلاف الأصول إذ العقل كاف في أكثر ما يلزمه فيها فلا يتوقف على غيره كما يتوقف حكم الفروع حيث لا يعلم إلا من دليل شرعي باب عيوب التأليف .
وغير ذلك ليعرف المفتي كيف يتصرف في المنقول وما مراد قائله ومؤلفه فيصير نقله للمذهب وعزوه له إلى الإمام أو بعض أصحابه فنقول أعلم أن أعظم المحاذير في التأليف النقلي إهمال نقل الألفاظ بأعيانها والاكتفاء بنقل المعاني مع قصور التأمل عن استيعاب مراد المتكلم الأول بلفظه وربما كانت بقية الأسباب متفرعة عنه لأن القطع بحصول مراد المتكلم بكلامه أو الكاتب بكتابته مع ثقة الراوي يتوقف عليه انتفاء الإضمار والتخصيص والنسخ والتقديم والتأخير والاشتراك والتجوز