فصل .
فأما الفقيه على الحقيقة فهو من له أهلية تامة يمكنه أن يعرف الحكم بها إذا شاء معرفته جملة كثيرة عرفها من أمهات مسائل الأحكام الشرعية الفروعية العملية بالاجتهاد والتأمل وحضورها عنده فكل فقيه حقيقة مجتهد قاض لأن الاجتهاد بذل الجهد والطاقة في طلب الحكم الشرعي بدليله وكل مجتهد أصولي فلهذا كان علم أصول الفقه فرضا على الفقهاء وقد ذكر ابن عقيل أنه فرض عين وقال العالمي الحنفي إنه فرض عين على من أراد الاجتهاد والفتوى والقضاء وفرض كفاية على غيرهم وهو أولى إن شاء الله تعالى والمذهب أنه فرض كفاية كالفقه قلت نحمله على غير الثلاثة ولأن به يعرف الدليل والتعليل والصحيح والفاسد والعليل والنبيل والرذيل وكيفية الاستدلال والاستنباط والإلحاق والاجتهاد والمجتهد والفتوى والمفتي والمستفتي ومن يجوز له الاجتهاد والفتوى أو يجبان عليه أو يحرمان أو يندبان له ومن يلزمه التقليد أو يمتنع عليه وفيما يجوز أو يمتنع ومن جهله كان حاكي فقه وفرضه التقليد وقد أوجب ابن عقيل وغيره تقديم معرفته على الفروع ولهذا ذكره القاضي وابن أبي موسى وابن البنا وأبو بكر عبد العزيز في أوائل كتبهم الفروعية وقال أبو البقاء العكبري أبلغ ما يتوصل به إلى أحكام الأحكام اتقان أصول الفقه