واستقصى فوقع من أهل العلم بموقع جليل وصار قدوة في هذا الشأن .
ثم تتبع القتيبي ما فات أبا عبيد فوضع فيه كتابه المشهور .
ثم تتبع أبو سليمان الخطابي ما فاتهما فوضع في ذلك كتابه المشهور .
فهذه الكتب الثلاثة أمهات الكتب المؤلفة في ذلك ووراءها مجامع تشتمل من ذلك على زوائد وفوائد كثيرة ولا ينبغي أن يقلد منها إلا ما كان مصنفوها أئمة جلة .
وأقوى ما يعتمد عليه في تفسير غريب الحديث أن يظفر به مفسرا في بعض روايات الحديث نحو ما روي في حديث ابن صياد أن النبي A قال له قد خبأت لك خبيئا فما هو قال الدخ .
فهذا خفي معناه وأعضل وفسره قوم بما لا يصح وفي معرفة علوم الحديث للحاكم أنه الدخ بمعنى الزخ الذي هو الجماع وهذا تخليط فاحش يغيظ العالم والمؤمن .
وإنما معنى الحديث أن النبي A قال له قد أضمرت لك ضميرا فما هو فقال الدخ بضم الدال يعني الدخان .
والدخ هو الدخان في لغة إذ في بعض روايات الحديث ما نصه ثم قال رسول الله A إني قد خبأت لك خبيئا وخبأ له ( يوم تأتي السماء بدخان مبين ) فقال ابن صياد هو الدخ فقال رسول الله A اخسأ فلن تعدو قدرك .
وهذا ثابت صحيح خرجه الترمذي وغيره فأدرك ابن صياد من ذلك هذه الكلمة فحسب على عادة الكهان في اختطاف بعض الشيء من الشياطين من غير وقوف على تمام البيان ولهذا قال له اخسأ فلن تعدو قدرك أي فلا مزيد لك على قدر إدراك الكهان انتهى .
قال الحافظ محب الدين الطبري في كتاب تقريب المرام وقد قيل إن أول من جمع في هذا الفن أبو عبيدة ثم النضر بن شميل ثم عبد الملك بن قريب الأصمعي وكان في عصر أبي عبيدة وتأخر