@ 87 @ . قوله تعالى في هذه الآية الكريمة عن نبيّه موسى عليه وعلى نبيّنا الصّلاة والسّلام : { إِنّى أَخَافُ أَن يُكَذّبُونِ } ، أي : بسبب أني قتلت منهم نفسًا ، وفررت منهم لما خفت أن يقتلوني بالقتيل الذي قتلته منهم ، ويوضح هذا المعنى الترتيب بالفاء في قوله تعالى : { قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } ؛ لأن من يخاف القتل فهو يتوقع التكذيب ، وقوله : { وَلاَ يَنطَلِقُ لِسَانِى } ، أي : من أجل العقدة المذكورة في قوله تعالى عن موسى : { وَاحْلُلْ عُقْدَةً مّن لّسَانِى * يَفْقَهُواْ قَوْلِي } ، قدّمنا في الكلام على آية ( طه ) ، هذه بعض الآيات الدالَّة على ما يتعلق بهذا المبحث . { فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ } . قد قدّمنا الآيات الموضحة له في سورة ( مريم ) ، في الكلام على قوله تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً } . قوله تعالى عن نبيه موسى : { وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } . لم يبيّن هنا هذا الذنب الذي لهم عليه الذي يخاف منهم أن يقتلوه بسببه ، وقد بيَّن في غير هذا الموضع أن الذنب المذكور هو قتله لصاحبهم الغبطي ، فقد صرّح تعالى بالقتل المذكور في قوله تعالى : { قَالَ رَبّ إِنّى قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } ، فقوله : { قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً } مفسّر لقوله : { وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ } ، ولذا رتّب بالفاء على كل واحد منهما . قوله : { فَأَخَافُ أَن يَقْتُلُونِ } ، وقد أوضح تعالى قصّة قتل موسى له بقوله في ( القصص ) : { وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلاَنِ هَاذَا مِن شِيعَتِهِ وَهَاذَا مِنْ عَدُوّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِى } ، وقوله : { فَقَضَى عَلَيْهِ } ، أي : قتله ، ولك هو الذنب المذكور في آية ( الشعراء ) هذه . .
وقد بيَّن تعالى أنه غفر لنبيّه موسى ذلك الذنب المذكور ، وذلك في قوله تعالى : { قَالَ رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ } . { قَالَ كَلاَّ فَاذْهَبَا بِأايَاتِنَآ إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } . صيغة الجمع في قوله : { إِنَّا مَعَكُمْ مُّسْتَمِعُونَ } ، للتعظيم ، وما ذكره جلَّ وعلا في