129 - ـ فصل : عجل بالتوبة من الذنوب .
إعلموا إخواني و من يقبل نصيحتي أن للذنوب تأثيرات قبيحة مرارتها تزيد على حلاوتها أضعافا مضاعفة .
و المجازي بالمرصاد لا يسبقه شيء و لا يفوته .
أو ليس يروي التفسير أن كل واحد من أولاد يعقوب عليهم السلام و كانوا إثنى عشر ـ ولد له إثنا عشر ولدا إلا يوسف فإنه ولد له أحد عشر و جوزي بتلك الهمة فنقص ولدا .
فوا أسفا لمضروب بالسياط ما يحسن بالألم و لمثخن بالجراح و ما عنده من نفسه خبر و لمتقلب في عقوبات ما يدري بها .
و لعمري أن أعظم العقوبة ألا يدري بالعقوبة .
فواعجبا للمغالط نفسه يرضي ربه بطاعة و يقول : حسنة و سيئة .
و يحك من كيسك تنفق و من بضاعتك تهدم و وجه جاهل تشين .
رب جراحة قتلت و رب عثرة أهلكت و رب فارط لا يستدرك .
و يحك انتبه لنفسك ما الذي تنتظر بأوبتك ؟ و ماذا تتقرب المشيب ؟ فها هو ذا أوهن العظم .
و هل بعد رحيل الأهل و الأولاد و الأقارب إلا اللحاق ؟ .
قدرأن ما تؤمله من الدنيا قد حصل فكان ماذا ؟ ما هو عاجل فشغلك عاجلا ثم آخر جرعة اللذة شرقة و إما أن تفارق محبوبك أو يفارقك فيا لها جرعة مريرة تود عندنا أن لو لم تره .
آه لمحجوب العقل عن التأمل و لمصدود عن الورود و هو يرى المنهل .
أما في هذه القبور نذير ؟ أما في كرور الزمان زاجر ؟ .
أين من ملك وبلغ المنى فيما أمل نادهم في ناديهم هيهات صموا عن مناديهم فلو أن ما بهم الموت إنما هنيه ثم القبور .
العمل حصل يا معدوما بالأمس يا متلاشي الأشلاء في الغد ؟ بأي وجه تلقى ربك ؟ أيساوي ما تناله من الهوى لفظ عتاب ؟ .
با الله إن الرحمة يعد المعاتبة ربما لم تستوف قلع البغضة من صميم القلب .
فكيف إن أعقب العتاب عقاب و قد أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال أخبرنا أبو بكر الخطيب قال أخبرنا محمد بن الحسين المعدل قال : أخبرنا أبو الفضل الزهري قال : أخبرنا أحمد بن محمد الزعفراني قال : حدثنا أبو العباس بن واصل المقري قال : سمعت محمد بن عبد الرحمن الصيرفي قال : [ رأى جار لنا يحي بن أكثم بعد موته في منامه فقال ما فعل بك ربك ؟ فقال : وقفت بين يديه فقال لي : سوء لك ياشيخ ] .
فقلت : يارب إن رسولك قال : إنك لتستحي من أبناء الثمانين أن تعذبهم و أنا ابن ثمانين أسير الله في الأرض .
فقال لي : صدقت رسولي قد عفوت عنك .
و في رواية أخرى عن محمد بن سلم الخواص قال : [ رأيت يحي بن أكثم في المنام فقلت : ما فعل الله بك ؟ فقال : أوقفني بين يديه و قال لي : يا شيخ السوء لو لا شيبتك لأحرقتك بالنار ] .
و المقصود من هذا النظر بعين الاعتبار هل يفي هذا بدخول الجنة فضلاعن لذات الدنيا ؟ .
فنسأل الله D أن ينبهنا من رقدات الغافلين و أن يرينا الأشياء كما هي لنعرف عيوب الذنوب و الله الموفق