132 - ـ فصل : الإستعداد ليوم الرحيل .
يجب على من لا يدري متى يبغته الموت أن يكون مستعدا و لا يغتر بالشباب و الصحة فإن أقل من يموت الأشياخ و أكثر من يموت الشبان و لهذا يندر من يكبر و قد أنشدوا : .
( يعمر واحد فيغر قوما ... و ينسى من يموت من الشباب ) .
و من الإغترار طول الأمل و ما من آفة أعظم منه فإنه لولا طول المل ما وقع إهمال أصلا و إنما يقدم المعاصي و يؤخر التوبة لطول الأمل و تبادر الشهوات و تنس الإنابة لطول الأمل و إن لم تستطع قصر الأمل فإعمل عمل قصير الأمل و لا تمس حتى تنظر فيما مضى من يومك فإن رأيت زلة فامحها بتوبة أو خرقا فارقعه بإستغفار و إذا أصبحت فتأمل ما مضى في ليلك و إياك و التسويف فإنه أكبر جنود إبليس : .
( و خذ لك منك على مهله ... و مقبل عيشك لم يدبر ) .
( و خف هجمة لا تقيل العثا ... ر و تطوي الورود على المصدر ) .
( و مثل لنفسك أي الرعيل ... يضمك في حلبة المحشر ) .
ثم صور لنفسك قصر العمر و كثرة الأشغال و قوة الندم على التفرط عند الموت و طول الحسرة على البدار بعد الفوت .
و صبور ثواب الكاملين و أنت ناقص و المجتهدين و أنت متكاسل و لا تخل نفسك من موعظة تسمعها و فكرة تحادثها بها فإن النفس كالفرس المتشيطن إن أهملت لجامه لم تأمن أن يرمي بك و قد و الله دنستك أهواؤك و ضيعت عمرك .
فالبدار في الصيانة قبل تلف الباقي بالصبانة فكم تعرقل في فخ الهوى جناح حازم و كم وقع في بئر بوار مخمور و لا حول و لا قوة إلا الله