141 - ـ فصل : دوام الود بحسن الائتلاف .
الدنيا في الجملة معبر فينبغي للإنسان ألا ينافس بلذاتها و أن يعبر الأيام بها فإنه لو تفكر في كيفية الذبائح و وسخ من يباشرها و عمل الكامخ و غيرها من المأكولات ما طابت له .
و لو تفكر في جولان اللقمة مختلطة بالريق ما قدر على إساغتها .
و المرء لا يخلو من حالين إما أن يريد التنعم باللذات المباحات أو يريد دفع الوقت بالضرورات و أيهما طلب فلا ينبغي له أن يبحث فيما يناله عن باطنه فإنه لو نظر إلى عورة الزوجة نبا عنها و قد قالت عائشة Bها : ما رأيته من رسول الله صلى الله عليه و سلم و لا رآه مني .
فينبغي للعاقل أن يكون له وقت معلوم يأمر زوجته بالتصنع له فيه ثم يغمض عن التفتيش ليطيب له عيشه و ينبغي لها أن تتفقد من نفسها هذا فلا تحصره إلا على أحسن حال و بمثل هذا يدوم العيش .
فأما إذا حصلت البذلة بانت بها العيوب فنبت النفس و طلبت الاستبدال ثم يقع في الثانية مثل ما وقع في الأولى .
وكذلك ينبغي أن يتصنع لها كتصنعها له ليدوم الود بحسن الائتلاف و متى لم يجر الأمر على هذا في حق من له أنفه من شيء تنبو عنه النفس و قع في أحد أمرين : إما الإعراض عنها و إما الاستبدال بها .
و يحتاج في حالة الإعراض إلى صبر عن أغراضه و في حالة الاستبدال إلى فضل مؤنه و كلاهما يؤذي و متى لم يستعمل ما و صفنا لم يطب له عيش في متعه و لم يقدر على دفع الزمان كما ينبغي