145 - ـ فصل : البلاء على قدر الرجال .
البلايا على مقادير الرجال فكثير من الناس تراهم ساكتين راضين بما عندهم من دين و دنيا .
و أولئك قوم لم يرادوا لمقاسات الصبر الرفيعة أو علم ضعفهم عن مقاومة البلاء فلطف بهم .
إنما المحنة العظمى أن ترزق همة عالية لا تقنع منك إلا بتحقيق الورع و تجويد الدين و كمال العلم ثم تبتلي بنفس تميل إلى المباحات و تدعي أنها تجمع بذلك همها و تشفي مرضها لتقبل مزاحمة العلة على تحصيل الفضائل و هاتان الحالتان كضدين لأن الدنيا و الآخرة ضربتان .
و اللازم في هذا المقام مراعات الواجبات و ألا يفسح للنفس في مباح لا يؤمن أن يتعدى منه إعراض عن واجب ورع .
المبتلي يصيح فلأن يبكي الطفل خير من أن يبكي الولد .
و اعلم أن فتح باب المباحات ربما جر أذى كثير في الدين فأوثق السكر قبل فتح الماء و البس الدرع قبل لقاء الحرب و تلمح عواقب ما تجني قبل تحريك اليد و استظهر في الحذر باجتناب ما يخاف منه و إن لم يتيقن