182 - ـ فصل : من لم يتشاغل بالعلم كيف يبلغ الشريعة للخلق ؟ .
سبحان من من على الخلق بالعلماء الفقهاء الذي فهموا مقصود الأمر و مراد الشارع فهم حفظة الشريعة فأحسن الله جزاءهم .
و إن الشيطان ليتجافاهم خوفا منهم فأنهم يقدرون على آذاه و هو لا يقدر على أذاهم .
و لقد تلاعب بأهل الجهل و القليلي الفهم .
و كان من أعجب تلاعبه أن حسن لأقوام ترك العلم ثم لم يقنعوا بهذا حتى قدحوا في المتشاغلين به .
و هذا ـ لو فهموه ـ قدح في الشريعة فأن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : [ بلغوا عني ] و قد قال له ربه D : { بلغ } .
فإذا لم يتشاغل بالعلم فكيف يبلغ الشريعة إلى الخلق ؟ .
و لقد نقل مثل هذا عن كبار الزهاد كبشر الحافي فإنه قال لعباس بن عبد العظيم : [ لا تجالس أصحاب الحديث ] .
و قال لإسحاق بن الضيف : [ إنك صاحب حديث فأحب ألا تعود إلي ] .
ثم إعتذر فقال : [ إنما الحديث فتنة إلا لمن أراد الله به و إذا لم يعمل به فتركه أفضل ] و هذا عجب منه .
من أين له أن طلابه لا يريدون الله به و أنهم لا يعملون به ؟ .
أو ليس العمل به على ضربين : عمل بما يجب و ذلك لا يسع أحدا تركه .
و الثاني : نافلة و لا يلزم .
و التشاغل بالحديث أفضل من التنفل بالصوم و الصلاة .
و ما أظنه أراد إلا طريقة في دوام الجوع و التهجد و ذلك شيء لا يلام تاركه .
فإن كان يريد ألا يوغل في علوم الحديث فهذا خطأ لأن جميع أقسامه محمودة .
أفترى لو ترك الناس طلب الحديث كان بشر يفتي ؟ .
فالله الله في الإلتفات إلى قول من ليس بفقيه و لا يهولنك تعظيم إسمه فالله يعفو عنه