254 - ـ فصل : الحر لا يشترى إلا بالإحسان .
العجب من الذي أنف الذل كيف لا يصبر على جلف الخبز و لا يتعرض لمنن الأنذال .
أتراه ما يعلم أنه ما بقي صاحب مروءة ! وأنه إن سأل سأل بخيلا لا يعطي فإن أعطى نزرا فإنه يستعبد المعطي بذلك العمر .
ثم ذاك القدر النزر يذهب عاجلا و تبقى المنن و الخجل و رؤية النفس بعين الإحتقار إذ صارت سائلة و رؤية المعطي بعين التعظيم أبدا .
ثم يوجب ذلك السكوت عن معائب المعطى و البدار إلى قضاء حقوقه و خدمته في ما يفي .
و أعجب من هذا من يقدر أن يستعبد الأحرار بقليل العطاء الفاني و لا يفعل فإن الحر لا يشترى إلا بالإحسان قال الشاعر : .
( تفضل على من شئت واعن بأمره ... فأنت و لو كان الأمير أميره ) .
( و كن ذا غنى عمن تشاء من الورى ... و لو كان سلطانا فأنت نظيره ) .
( و من كنت محتاجا إليه و واقفا ... على طمع منه فأنت أسيره )