274 - فصل : الصنعة كدليل على وجود الصانع .
سبحان من ظهر لخلقه لم يبق خفاء ثم خفى حتى كأنه لا ظهور .
أي ظهور أجلى من هذه المصنوعات التي تنطق كلها بأن لي صانعا صنعني و رتبني على قانون الحكمة .
خصوصا هذا الآدمي الذي أنشأه من قطرة و بناه على أعجب فطرة و رزفه الفهم و الذهن و اليقظة و العلم و بسط له المهاد و أجرى له الماء و الريح و أنبت له الزرع و رفع له من فوقه السماء فأوقد له مصباح الشمس بالنهار و جاء بالظلمة ليسكن إلى غير ذلك مما لا يخفى .
و كله ينطق بصوت فصيح يدل على خالقه و قد تجلى الخالق سبحانه بهذه الأفعال فلا خفاء .
ثم بعث الرسل فقراء من الدنيا صعاف الأبدان فقهر بهم الجبابرة و أظهر على أيديهم من المعجزات ما لا يدخل تحت مقدور بشر و كل ذلك ينطق بالحق و قد تجلى سبحانه بذلك .
ثم يأتي موسى عليه السلام إلى البحر فينفرق فلا يبقى شك في أن الخالق فعل هذا .
و يكلم عيسى عليه السلام الميت فيقوم و يبعث طيرا أبابيل تحفظ بيته فيهلك قاصديه .
و هذا أمر يطول ذكره كله يدل على تجلي الخالق سبحانه بغير خفاء .
فإذا ثبت عند العقلاء ذلك من غير ارتياب و لا شك ثم جاءت أشياء كأنها تستر الظاهر مثل ما سبق من تسليط الأعداء على الأولياء .
إذا ثبت التجلي بأدلة لا تحتمل التأويل علمت أن لهذا الخلفاء سرا لا نعلمه يفترض على العقل فيه التسليم للحكيم .
فمن سلم سلم و من إعترض هلك