289 - ـ فصل : الخوف من الذنوب و لو بعد التوبة .
ينبغي للعاقل أن يكون على خوف من ذنوبه و إن تاب منها و بكى عليها .
و إني رأيت أكثر الناس قد سكنوا إلى قبول التوبة و كأنهم قد قطعوا على ذلك .
و هذا أمر غائب ثم لو غفرت بقي الخجل من فعلها .
و يؤيد الخوف بعد التوبة أنه في الصحاح : أن الناس يأتون إلى آدم عليه السلام فيقولون : إشفع لنا فيقول : ذنبي و إلى نوح عليه السلام فيقول : ذنبي و إلى إبراهيم و إلى موسى و إلى عيسى صلوات الله و سلامه عليهم .
فهؤلاء إذا اعتبرت ذنوبهم لم يكن أكثرها ذنوبا حقيقة .
ثم إن كانت فقد تابوا منها و اعتذروا و هم بعد على خوف منها .
ثم إن الخجل بعد قبول التوبة لا يرتفع و ما أحسن ما قال الفضيل بن عياض C : و اسوأتاه منك و إن عفوت فأف و الله لمختار الذنوب و مؤثر لذة لحظة تبقى حسرة لا تزول عن قلب المؤمن و إن غفر له .
فالحذر الحذر من كل ما يوجب خجلا .
و هذا أمر قل أن ينظر فيه تائب أو زاهد لأنه يرى أن العفو قد غمر الذنب بالتوبة الصادقة .
و ما ذكرته يوجب دوام الحذر و الخجل