297 - ـ فصل : طاعة الله يفتقر إلى جمع الهم .
لا ريب أن القلب المؤمن بالإله سبحانه و بأوامره يحتاج إلى الإنعكاف على ذكره و طاعته و إمتثال أوامره و هذا يفتقر إلى جمع الهم .
و كفى بما وضع في الطبع من المنازعة إلى الشهوات مشتتا للهم المجتمع .
فينبغي للإنسان أن يجتهد في جمع همه لينفرد قلبه بذكر الله سبحانه و تعالى و إنفاذ أوامره و التهيؤ للقائه .
و ذلك إنما يحصل بقطع القواطع و الامتناع عن الشواغل .
و ما يمكن قطع القواطع جملة فينبغي أن يقطع ما يمكن منها .
و ما رأيت مشتتا للهم مبددا للقلب مثل شيئين : .
أحدهما : أن تطاع النفس في طلب كل شيء تشتهيه و ذلك لا يوقف على حد فيه فيذهب الدين و الدنيا و لا ينال كل المراد مثل أن تكون الهمة في المستحسنات أو في جمع المال أو في طلب الرياسة و ما يشبه هذه الأشياء .
فيا له من شتات لا جامع له يذهب العمر و لا ينال بعض المراد منه .
و الثاني : مخالطة الناس خصوصا العوام و المشي في الأسواق فإن الطبع يتقاضى بالشهوات و ينسى الرحيل عن الدنيا و يحب الكسل عن الطاعة و البطالة و الغفلة و الراحة .
فيثقل على من ألف مخالطة الناس و التشاغل بالعلم أو بالعبادة .
و لا يزال يخالطهم حتى تهون عليه الغيبة و تضيع الساعات في غير شيء فمن أراد اجتماع همه فعليه بالعزلة بحيث لا يسمع صوت أحد فحينئذ يخلو القلب بمعارفة و لا تجد النفس رفيقا مثل الهوى يذكرها ما تشتهي .
فإذا اضطر إلى المخالطة كان على وفاق كما تتهوى الضفدع لحظة ثم تعود إلى الماء فهذه طريق السلامة .
فتأمل فوائدها تطب لك