310 - ـ فصل : العاقل من ينظر إلى نفسه .
إني أعجب من عاقل يرى إستيلاء الموت على أقرانه و جيرانه كيف يطيب عيشه خصوصا إذا غلت سنه .
و اعجبا لمن يرى الأفاعي تدب إليه و هو لا ينزعج أما يرى الشيخ دبيب الموت في أعضائه قد أخرج سكين القوى و أنزل متغشرم الضعف و قلب السواد بياضا ثم في كل يوم يزيد الناقص .
ففي نظر العاقل إلى نفسه ما يشغله عن النظر إلى خراب الدنيا و فراق الإخوان إن كان ذلك مزعجا .
و لكن شغل من إحترق بيته بنقل متاعه يلهيه عن ذكر بيوت الجيران .
إنه لمما يسلي عن الدنيا و يهون فراقها إستبدال المعارف بمن تكره .
فقد رأينا أغنياء كانوا يؤثرون و فقراء كانوا يصبرون و محاسبين لأنفسهم يتورعون فاستبدل السفهاء عن العقلاء و البخلاء عن الكرماء .
فيا سهولة الرحيل لعل النفس تلقى من فقدت فتلحق بمن أحبت