41 - ـ فصل : السبب و المسبب .
مما يزيد العلم عندي فضلا أن قوما تشاغلوا بالتعبد عن العلم فوقفوا عن الوصول إلى حقائق الطلب .
فروى عن عن بعض القدماء أنه قال لرجل : [ يا أبا الوليد إن كنت أبا الوليد يتورع أن يكنيه و لا و لد له ! ! ] .
و لو أوغل هذا في العلم لعلم أن النبي صلى الله عليه و سلم : كنى صهيبا أبا يحي و كنى طفلا فقال : [ يا أبا عمير ما فعل النغير ؟ ] .
و قال بعض المتزهدين : [ قيل لي يوما : كل من هذا اللبن فقلت : هذا يضرني ثم و قفت بعد مدة عند الكعبة فقلت : اللهم إنك تعلم أني ما أشركت بك طرفة عين فهتف بي هاتف و لا يوم اللبن ؟ ] .
و هذا لو صح أن جاز أن يكون تأديبا له لئلا يقف مع الأسباب ناسيا للمسيب و إلا فالرسول صلى الله عليه و سلم قد قال : [ ما زالت أكلة خيبر تعاودني حتى الآن قطعت أبهري ] و قال [ ما نفعني مال كمال أبي بكر ] .
و من المتزهدين أقوام يرون التوكل قطع الأسباب كلها و هذا جهل بالعلم فإن النبي صلى الله عليه و سلم : دخل الغار و شاور الطبيب و لبس الدرع و حفر الخندق و دخل مكة في جوار المطعم بن عدي و كان كافرا و قال لسعد : [ لأن تدع و رثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة يتكففون الناس ] .
فالوقوف مع الأسباب مع نسيان المسبب غلط .
و كل هذه الظلمات إنما تقطع بمصباح العلم .
و لقد ضل من مشى في ظلمة الجهل أو في زقاق الهوى